26 Feb
26Feb

يشهد العالم اليوم، مخاضاً عسكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً، في مناطق كثيرة من العالم، يظهر عملياً، وبشكل واضح يتجسد في ما يجري على الساحة الاوكرانية، بين روسيا من جهة وحلف الناتو  والحلف الانگلو- سكسوني من جهة اخرى، وهنالك مخاض آخر يجري بشكل خفي بين الناتو ودول خانعة للسيطرة الغربية، في امريكا اللاتينية وافريقيا واسرائيل، وكذلك اسيا، وفي الطرف الاخر الهند والبرازيل وافريقيا الجنوبية والجزائر وايران وتركيا وفنزويلا وكوبا والصين، ودول اخرى كدولة المكسيك، وصربيا وكرواتيا والمجر، لم تعلن مواقفها جهرا ولكنها مع التوجه الروسي، وجماعات مسلحة في افريقيا، و حزب الله في لبنان وقوات حفتر في ليبيا. 

هذا الاصطفاف الجديد الناشئ والذي يحاول جهد الامكان الخلاص من هيمنة اوربا الغربية وحلفها، السيف المسلط على رقاب الدول الطامحة للتحرر والخلاص من هيمنة الدولار الورقي الذي فقد قيمته الذهبية ومن ثم قيمته النفطية، بحيث اصبحت ورقة الدولا المكتوب عليها مائة دولار لا تساوي غير ٦٨ سنتاً، اي اننا نبيع نفطنا كل برميل مقابل ٦٨ سنتاً حتى اقل من دولار. 

لقد كشرت الدولة المهيمنة على العالم، امريكا ومن خلفها بشكل اعمى كل من بريطانيا، وكندا ، واستراليا، اي الحلف الانگلو- سكسوني، انيابها في هذه الحرب بالنيابة، بحيث استخدمت كل مافي جعبتها من قدرات من اجل اركاع روسيا لهيمنتها، ولولا قدرة روسيا الاقتصادية وما تملكه من اقتصاد يقترب الى التكامل وسعة مساحتها ، بحيث توجد لها منافذ كبيرة على العالم، وما تملكه من ارث حضاري ووطني، لما صمدت اي دولة اخرى تحت هذا الحصار الظالم، فلو تعرضت اي دولة لمثل هذه التي يسمونها عقوبات لما تمكنت من الصمود، والمثال على ذلك كل من العراق سابقا، وليبيا، ومعانات سوريا الان،  وايران، وفنزويلا،  وكوريا الشمالية. 

العالم الان متجه نحو الافلات من هذا الفلك المجرم، وتشكيل مجرةً وفلكاً جديدا تبحر فيه دولاً تطمح لكي تكون حرة في اختياراتها، السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وتهرب من هيمنة الغرب، الذي يقرر السياسات حتى الداخلية، والشرائح التي تقود، وكيفية التحكم بموارد البلدان، وغيرها من وسائل الادارة والحوكمة. 

لقد استغلت دول الناتو قدراتها العسكرية وقوتها القاهرة وتقدمها التكنلوجي ل اخضاع شعوب العالم او تجويعها او خلق المشاكل المتنوعة لها، كموضوع التجمعات العرقية، وموضوع الديمقراطية المزيفة، وحقوق الانسان المطبق من طرف واحد، او بيئةٍ معينة. 

امام كل هذه التحديات الكونية اين يقف العراق؟ هل سيبقى دافنا راسه في الرمال، او يعتقد حكامه الحاليين انهم قادرون على ايهام الدول الكبرى بهذا التكتيك الساذج او على طريقة تيتو ( الرئيس اليوغسلافي السابق) حين اطلق المقولة الانتهازية الشهيرة ( اشر يمين واذهب يسار). 

ان الوضوح في المواقف والمبادئ في ظل هذا المخاض وهذا الصراع يرجح اكيد احد الموقفين. إما البقاء خانعاً، ومهددا بالحصار وقطع قناة الدولار واسقاط عملة واقتصاد بلد ما في اي لحظة، او الدعم لتحدي الخلاص من هذه الهيمنة القذرة لدول الانگلو- سكسونيا، ومن خلفها حلفها العسكري ( الناتو)، آلة القهر العسكرية للشعوب، وهيمنة الدولار ، آلة القهر الاقتصادية والتلويح بهما متى ما رغبت او خططت او حتى نوت دولة النهوض بما تملك وتفكر وتدير امورها. 

ان مبدأ العقوبات المعتمد من قبل دول الغرب ضد شعوب العالم، واستخدامه للقهر لا يمكن الخلاص منه دون الرفض العلني له ومساندة الدول التي تقود هذا الحراك او التحدي الدولي، اما المواقف الانتهازية والجبانة  ف مآلها تعليم الشعوب الخنوع والقبول بتقبيل الايادي والقفازات التي تخفي روح الهيمنة واستعباد الشعوب، وخلق الرفاهية لشعوب اصحاب هذا القفازات على حساب آلام وجوع وتراجع الشعوب الاخرى. وخلق بيئة قائمة على اساس الاختلاف في مستوى العيش في دولهم على حالة الشعوب الاخرى في خارج منظومة دول الغرب القهري الاستعبادي. العراق، حكومةً، ونخباً فكرية وثقافية وسياسية مطلوب منها إعلان موقفها المنحاز للمبادئ والاخلاق والكرامة ورفض عصا التهديد ب خنقنا او إجبارنا على الطريق الذي يجب ان نسلكه في استخدام ثرواتنا و وسائل الادارة التي تناسب تاريخنا وحاضرنا، ومستقبل شعبنا، وكذلك سياسة تنسجم مع محيطنا الاجتماعي. 

على كافة نخبنا السياسية والحزبية الانعتاق من ما يسوق ويفرض على ارادتنا من خلال ما يطلق عليه الفضل المصطنع بتحرير شعبنا من الظلم والقهر خلال فترة الحكم الديكتاتوري السابق، وإلا سنفقد ارادتنا واخلاقنا ومبادئنا في التحرر ورفض الهيمنة الجديدة، والى الابد. الجزائر نموذجا رائدا من محيطنا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن