24 May
24May

محاضرة الدكتور إحسان الشمري

خلل في بناء السلطة السياسية في العراق

بما لا يقبل الشك إن هذا التباين يكون لعدة أسباب لا يمكن أن يختزل بسبب محدد هو أولاً هناك خلل كبير جداً في بناء السلطة السياسية في العراق التي لم تبنَ على أساس الهوية الوطنية وإنما بنيت على أساس تقاسم السلطات ولهذا تجد أن تقاسم السلطات بين الأحزاب السياسية ورغم من وجود رؤوساء الوزراء اذا ما نظرنا إليهم قد أختلفوا بغض النظر عن مجلس الحكم لكن إبتداءً ما بين الدكتور إياد علاوي فيما بعد السيد نوري المالكي فيما بعد الدكتور حيدر العبادي إلى الآن نتحدث فيما يبدو تكوين رؤوساء الوزراء كأيدلوجية سياسية لا أتحدث عن شخصياتهم أعتقد هي كانت السبب الأساس في هذا التباين ومن ثم يأتي سلوك وشخصية رئيس الوزراء تحديداً أياً كان وطبيعة تعاطيه مع السلطة السياسية ولذلك تجد هناك تبايناً في قضية التعاطي مع المصلحة الوطنية، من خلال وجود صانعي القرار، بمعنى كلٌ منهم له سلوكه وأيدلوجيته وشخصيته وتكوينه حتى تكوينه النفسي هذا يؤثر بشكل كبير جداً،  لذلك هذا الجزء مهم جداً في قضية التباين في نظر صانع القرار بالإضافة إلى ما ذكرت إن السلطة السياسية في العراق كان بنائها خاطئاً بشكل كبير جداً ، لأنها لم تُبنَ على أساس مشروع دولة وهذا مؤسف جداً أنها بُنيت على أساس مشروع السلطة، وهذا أدى إلى غياب المصلحة الوطنية ولذلك كانت عملية تقاسم المغانم السلطات هي من تدفع هذه القوى السياسية لكي تحدد مصالحها الحزبية القومية الاثنية العرقية الطائفية على حساب المصلحة الوطنية العليا لذلك لم تفلح هذه القوى السياسية إبتداءً في خط شروع نحو المصلحة الوطنية أو نحو المصلحة العليا للبلاد ولذلك تجد بأن كل من يتسنم منصب سيادياً سواء كان على مستوى السلطات له توجهاته الخاصة وهواجسه الخاصة ومن ثم غابت هذه الهوية الوطنية وحدث تباين كبير بين صانعي القرار بالإضافة إلى عملية الثأر واحدة من الأخطاء التي يمكن أن نشخصها كانت عملية ثأر بين صانعي القرار وهذا أثر بشكل كبير جداً ليس فقط على مستوى أداء السلطة وسلوكها وإنما على المصلحة العامة بشكل كامل ومن ثم غاب العمل المؤساتي بشكل كبير لا يمكن أن نحدد مصلحة عليا ومصلحة وطنية من خلال شخص رئيس الوزراء رئيس البرلمان رئيس السلطة القضائية رئيس الجمهورية المؤوسسات الأخرى الحكومة هي مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولذلك أنا أتصور بأن المشكلة تكمن في صانع القرار أولاً وأيضاً في طبيعة البناء الذي أعتمد عرف المحاصصة وتقاسم المؤسسات والسلطات.

طبقة سياسية جديدة لصياغة مفهوم المصلحة

عملية تحديد معيار مقبول في تشكيل قاعدة مشتركة، أنا بتصوري هذا ممكن لكنه صعب في هذا الوقت والطبقة السياسية لا يمكن أن تحدد معايير، هذه الطبقة السياسية إلى الآن هي طبقة سياسية تقليدية، ويمكننا أن نطلق عليها بالطبقة التقيلدية من الصعوبة بمكان أن نحدد معايير على مستوى ما نقيس القوى التقليدية التي تمسك إلى الآن بالقرار. لكن هناك هامش لتحديد معايير جديدة وهو هامش أن نكون أمام نهج جديد طبقة سياسية جديدة وعقول سياسية جديدة وهذا يمكن من خلاله تحديد إعادة صياغة لمفهوم المصلحة الوطنية وإعادة هيكلة للنظام السياسي الذي تم من خلاله ومن خلال سيطرة الزعامات والقوى السياسية أن تتشظى المصلحة الوطنية. 

الديمقراطية التوافقية ليست مشروعاً لبناء دولة

 فيما يرتبط بالأغلبية البرلمانية هل يمكن أن تحدد المصلحة الوطنية؟ أنا بتصوري المصلحة الوطنية الان مع وجود هذه النخبة مرة أخرى أعود وهي ذات الهواجس تعيش أزمة ثقة فيما بينها، الديمقراطية التوافقية كانت فيما يبدو مرحلة مغانم أكثر مما هي مرحلة بناء لدولة ولمشروع طويل الأمد. مشروع عراقي طويل الأمد ومشروع بناء دولة جديدة وبناء المؤوسسات لذلك فشلت هذه الأغلبية البرلمانية من أن تشجع وأن تحفز بقية القوى السياسية بالذهاب نحو هذا المشروع وتحديد المصلحة الوطنية، لذلك الأغلبية البرلمانية الشيعية منها بالتحديد اذا ما نظرنا إلى مفهوم الأغلبية سرعان ما انكفأت على نفسها وأيضاً بدأت تتحدث حقوق المكون وحقوق الطائفة وهذا خطأ كبير كان المفترض بالأغلبية البرلمانية الشيعية التي عانت من الدكتاتورية أن تقدم انموذجا لطمئنة القوى السياسية الأخرى لو قدمت هذه الأغلبية البرلمانية هذه الطمئنة ووضعت معايير بعيداً عن الخطوط الطائفية والزعامتية والحزبية أنا أعتقد لكانت تحفزت بقية القوى والكتل البرلمانية ومن ثم ذابت في المصلحة الوطنية لذلك أنا أتصور إن مع وجود هذه الطبقة السياسية لا أتصور أن تحديد المصلحة الوطنية ممكنا.

غياب ثقافة الديمقراطية وخزين مفاهيم بناء الدولة

فيما يرتبط في قضية الأشارة تحت (كتاب أزمة العراق سيادياً ) أنا أتفق معه لأن الحكومات ما بعد التغيير لم تنجح في بلورة رؤيا شاملة للمصالح الوطنية،  كوامن الخلل أشرت لها في إن هذه القوى السياسية من المؤسف جداً لم تضع في حساباتها بناء السيادة، ومن المؤسف جداً هذه القوى السياسية لا تمتلك ثقافة ديمقراطية ويجب أن نعترف بهذا الموضوع، والأمر الأخر هي مفاهيم لم تكن تمتلك قاعدة للمفاهيم يعني خزين للمفاهيم التي يمكن من خلالها بناء الدولة حتى مفهوم السيادة هذا الذي نتحدث عنه ، لم تستطع أن تميز بين مفهوم السيادة الداخلية والسيادة الخارجية وكانت تتحدث عن انتهاك للسيادة الخارجية وأيضاً تتحدث عن عملية تمدد وتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، لكنها فشلت في تحقيق مفهوم السيادة الداخلية أي فشلت في فرض سلطتها السياسية، ومنها السلطة الجغرافية والسلطة السياسية وتحقق ما يمكن أن نسميه حماية حقوق الأفراد لذلك أتصور إن هذه الطبقة السياسية والحكومات التي كانت تتشكل من خلالها ، فشلت في تكوين هذه الرؤيا الشاملة اذا ما نظرنا إلى مفهوم السيادة وفق المفهوم الحديث، ولا أتحدث عن السيادة بيروقراطية وسيادة الحق الالهي، لكن لدينا مفهومين قريبين جداً مما تحدث به جان جاك روسو حينما أشار إلى سيادة الأمة وفيما بعد سيادة الشعب.

انتهاك السيادة وتغييب المصلحة

أعتقد لو أننا ابتعدنا عن الهويات الفرعية، وكان هناك إيمان وعملية ثقافة جديدة وإعادة صياغة جديدة لمفهوم سيادة الشعب بعيداً عن الهويات الفرعية يمكن أن نبدأ الخطوة الأولى لمفهوم السيادة الحقيقية، أن نعمل على ترصين السيادة الداخلية والايمان بالسلطات، ومن ثم تحقق المسار الصحيح المرتبط في المصلحة الوطنية بخلاف ذلك أنا أعتقد أن المصلحة الوطنية بعيدة جداً عن هذه الطبقة السياسية وأقول إن معظم الطبقة السياسية لكي أكون أكثر أنصافًا بحاجة إلى إعادة مراجعة داخلياً وأقصد القوى التي تمسك في صنع القرار، بالنهاية هي الآن مسؤولة عما وصلت إليه الأمور في العراق على مستوى إنتهاك السيادة الداخلية والخارجية وحتى غياب المصلحة الوطنية وأيضاً في جزء مهم تغييبها الهوية الوطنية هذا جزء مهم ، اذ رفعت الهويات الفرعية الثانوية على حساب الهوية الوطنية لذلك لم تتحدد المصلحة الوطنية.

لم تستفد الطبقة السياسية من تجارب الاخرين

لم تستفد هذه القوى السياسية من تجارب أخرى لأنها لا تمتلك مشروع دولة ولا تملك مشروعا للسيادة ولا تملك أيضاً أي مفهوم أوأي أطر يمكن من خلالها تحديد ملامح المصلحة الوطنية كانت تنظر إلى المصلحة الوطنية من خلال مصالحها الضيقة وأتحدث عن مصالح زعاماتية ومصالح مكوناتية وحزبية بالتحديد.  

العقد السياسي الجديد بحاجة إلى عقول ووجوه جديدة

لذلك أنا أعتقد لا حل إلاّ من خلال إعادة تقييم للتجربة ولمفهوم السيادة وإعادة تقييم لهذه المصطلحات ووجودها وأنا أتصور طرح مشروع العقد السياسي الجديد بوجود عقول ووجوه جديدة ووجود معارضة النخبة هنا لا أتحدث عن معارضة أخرى بل أتحدث عن معارضة بسلوك هذه القوى السياسية يمكن من خلالها أن نرتفع كثيراً بمفهوم السيادة وأيضاً المصلحة الوطنية للعراق.

__________________ 

* هذه الندوة  .. تحمل عنوان: ( تباين رؤى القوى السياسية في فهم المصلحة الوطنية) .. هي استكمال للندوة  السابقة .. ضمن سلسلة ندوات مترابطة ومتكاملة ومتواصلة.. جرت و كل منها تعتمد على مخرجات الندوة التي سبقتها.. وتتكامل معها.. وصولاً إلى الإجابة على التساؤلات التي أثارها كتاب (أزمة العراق سيادياً ). الندوة ــ بسبب الأوضاع الصحية وجائحة كوروناـ تجري عبر الانترنت من خلال برنامج زووم، وقد بثّت فالندوة  مباشرة على صفحات ملتقى بحر العلوم للحوار وصفحة معهد العلمين للدراسات العليا على الفيس البوك..بتاريخ  9 اذار 2021  

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن