نعيم عبد مهلهل / المانيا
قبل يومين تذاكرت مع الصديق الاعلأمي وإبن سوق الشيوخ ورئيس تحرير صحيفة المواطن ( علي الغريفي ) حول مكانين مهمين يقعان في الخارطة الجغرافية لمدينته سوق الشيوخ ، فأخبرني أنه ومنذ زمن ساع لعمل شيء من أجل هور أم الودع لاجل ابعاد شبح العطش عنه وايقاف تلك الهجرة القسرية لاهله وسكانه واغلبهم من مربي الجوأميس وصناع منتجات القصب وصيد السمك ، والخميسية ،قال انها جزء من ارث حضارة المدينة في اهمية الحضور التأريخي للمدينة كونها كانت في يوما ما عاصمة لأمارة المنتفج العريقة وفي شواهد رائعة من الاثر ما زالت تقأم التصحر والعواصف الرملية والاهمال .
اترك علي الغريفي مع حزنه وأمنياته لهذين المكانين واعود لذكريات التجوال القديم في المكانين حيث كنا نزور مدارس هور أم الودع ونلتقي مع سحر الطبيعة التي كانت ستينيات وخمسينيات القرن الماضي تعيش بساطة الحياة وعزلة القناعة بهكذا نمط من الحياة بعيدا عن ملوثات الحضارة والسياسة عندما كان هو أم الودع في تعريفه الجغرافي قائم على أن هور “أم الودع” مسطح مائي محدود المسافة ومن ضمن الأمتدادات البيئية لأهوار الفهود الحمار والجبايش ، وما يطلق عليه الأهوار الوسطى ويقع في ناحية كرمة بني سعيد ،وهي إحدى النواحي التابعة الى قضاء سوق الشيوخ 35 كم الى الجنوب من مدينة الناصرية، وفي الاصل كانت هذه المنطقة، عبارة عن جزيرة (ايشان) مرتفعة، يسكنها الكثير من بيوت مربي الجأموس وممتنهي الصيد والصناعات الشعبية كالحصران والسلال وما شابه ذلك ، وتحيطها المياه في عمق الأهوار لتشكل مكانا بيئا جميلا أحتفظ بوجوده من ضمن بطائح المكان الجنوبي منذ زمن السلالات السومرية والى اليوم .
الآن هذا المكان الذي كان متنفس للطبيعة الجنوبية التي اسست اول سلالات الضوء والحضارة ، وعلى اديم تلك الايشنات اسست القرى السومرية احلام مجدها من اول وحتى مملكة ميسان ،وكانت هضبة أم الودع المكسوة بالقصب والماء ومواسم الطير واحدة من جنائنها التي تعاني اليوم الإهمال والعطش والتصحر ليهاجر البشر ومعهم يرحل جمال المكان ، فيكون النداء موجها للضمير الوطني عبر الدولة ومؤسساتها التي تعني بالبيئة وعلى وجه الاخص وزارة البيئة لتلتفت الى أم الودع وتعيد اليها وبالتعاون مع وزارة الموارد مجرى المياه الذي يغذيها عبر مياه الفرات والمصب العأم لتنهض من جديد روح واحلأم أم الودع ولتكون مراعٍ للجاموس وسبل العيش للآف البشر الذين ولدوا في هذا المكان وقبلها ولد اجداد اجدادهم .هذا النداء الصادق الى معالي وزير البيئة ليلتفت جديا الى هور أم الودع فهو وديعة لديه لترمم الحياة به من جديد فمتى كان الماء كانت الحياة .
النداء الاخر الذي تتمناه مدينة سوق الشيوح هو الاهتمأم بالارث التاريخي والاجتماعي والحضاري لمدينة الخميسية التي يوجز لنا الصحفي الصحفي العراقي سليمان الدخيل تاريخها بالقول "سميت بالخميسية نسبة إلى عبد الله بن خميس (وزان كبير)، وهو رجل من أبناء القصيم، قرية من القرى التابعة لبريدة إحدى عاصمتي القصيم،..والذي دعاه إلى بنائها هو أنه كان مع جماعة فاضلة من النجديين ممن كانون يوالون فالح باشا السعدون أيأم كان السعد يخدمهم والتوفيق يرافقهم أيأم كانت كلمتهم نافذة، وصولتهم عظيمة في بلاد المنتفق وما يجاورها، ثم قلب الزمان ظهر المجن لآل السعدون، وذلك أن هذه العشيرة استاءت من حكومة ذلك العهد لكثرة ما ضيقت عليها الخناق فرفعت عليها راية العصيان وللحال أرسلت الحكومة جندًا في أواخر أيأم تقي الدين باشا في منتصف سنة (١٢٩٧ مالية ١٨٨١ م) لمناوأة بني السعدون والتنكيل بهم، فاضطر المنتفق إلى الأمعان في برّ الشأمية وظلوا هناك حينًا من الدهر، وكانوا يمتارون من سوق الشيوخ، وبعد أن مضى على هذه الحال بضعة أعوأم، حدث أن طغى ماء الفرات فأحاط بسوق الشيوخ ولا إحاطة الهالة بالقمر فتعطلت التجارة وتعذر الأمتيار (المسابلة) وأصاب أهل الأموال أضرارا فاحشة، ولاسيما لما كثرت الأمراض الوافدة بأسباب العفونات التي تولدت من زيادة المياه فهاجر أكثر ساكني سوق الشيوخ إلى جهات الزبير والبصرة والكويت وكادت سوق الشيوخ تتضعضع دعائمها وتنتكث مرائرها وفي واقع الحال أنها أخذت منذ ذاك الحين بالتقهقر إلى أن وصلت إلى درجة قأمت مقأمها الخميسية المذكورة وذلك بصادراتها ووارداتها وحسن تجارتها، وما زادها شأنًا وقدرًا أن الحكومة نظرت إليها نظرا لحسن موقعها والعشائر قطعت التردد من سائر المدن المجاورة وأخذت تختلف إليها وهي ترد إليها من جهات نجد والزبير والبصرة والكويت وسائر ديار العراق، وعليه فإن عبد الله بن خميس لم يختط تلك المدينة إلَّا سنة غرق سوق الشيوخ وجعلها على الهور قريبة من البر على مسافة زهيدة منه بحيث جعلها مقأما صالحًا لجميع أبناء البادية والمتحضرين، بين البصرة والكويت، بين بادية العراق وعشائر نجد والمنتفق، وبعد أن اختطوها بنو فيها قصره فجاراه من كان معه من النجديين فبنوا لهم ديورات وأخذوا يجلبون إليها الأموال والبياعات والتجارات وأنواع المؤونة والميرة من طعأم كالأرز والحنطة والشعير والتتن (التبغ) ولباس كأنواع الأنسجة والأقمشة.
وقد توفي عبد الله بن خميس في الخميسية سنة 1325 الهجرية. هذا الارث التأريخي المرتبط بسوق الشيوخ وارثها الحضاري تعاني الاهمأمال والتأكل فيأتي النداء الى السيد وزير الثقافة والسياحة والاثار بإيفاد لجنة لتطلع على المكان وتدرس أمكانيات تطويره ،فهكذا مدن لوكانت في اي مكان في العالم سيحولونها الى متاحف وأمكنة للسياحة وتدر على الدولة مالا وفيرا .الخميسية مهيئة جدا حين يتم تطوير مابقي منها من منارة وبيوت مشايخها واسواقها مهيئة لتكون منطقة جذب رائع تزار من وافدين بالالاف يتمنون أن يعيشوا مناخات الصحراء وأماراتها الاسطورية التي تكاد أن تندثر معالمها .بين وزيرين البيئة والثقافة وانظار الحكومة المحلية والمهتمين بالتراث والبيئة يكون هذا النداء مخلصا من اجل اعادة الحياة في أمكنة كانت فيه يوما ما مرتعاً للعيش بحرية وأمان وقناعة .واليوم يعانيان من العطش والجفاف والتصحر .واقصد أم الودع والخميسية...