14 Apr
14Apr


كتب : د. سعد سلوم


يعد الشبك (من وجهة نظري) إثنية متميزة يمكن عدها احدى الاقليات القومية، فضلا عن العرب والكورد والتركمان والكلدوآشوريين والارمن والخ، واذا طبقنا معيارا يتكون من اربعة محددات اساسية نجده متوفرا في حالة الشبك، الاول تأسيسي يتعلق بالجغرافية الشبكية والثاني والثالث والرابع متعلق بمكونات مثلث الهوية (اللغة/الدين/الثقافة).


أولاً- الجغرافية الشبكية او فكرة المكان المرجعي او اسطورة الارض (الموطن/المكان) تتمحور حول اراضيهم الخصبة في سهل نينوى، بالرغم من انهم يسكنون في قرى متناثرة ما بين الساحل الايسر لنهر دجلة الى نهر الخازر شرقا، وجبل النوران شمالا الى ناحية النمرود جنوبا. ومنهم من يسكن في مراكز اقضية ونواحي برطلة وقرقوش والنمرود وبعشيقة. فضلا عن سكن بعضهم في احياء متعددة من مدينة الموصل.وفي 9 كانون الأول 2014 حين أزالت جرافات داعش منازل الشبك ومحت رموزهم الدينية والثقافية استهدفت انتزاع موطنهم وتجريدهم من اهم عناصر هويتهم، شكل ذلك انتهاكا اشد ابادة من القتل المباشر . وبعد المحو الثقافي والاقتلاع من الجذور انتشرت خريطة قراهم التي يطلقون عليها تسمية "شبكستان" في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فردوس مفقود. لم تكن هذه التسمية والخريطة تعبر عن نزوع انفصالي او حس استقلالي اناني بالارض، بقدر ما عكست حنينا الى مركزية الموطن في تخيل الهوية الجماعية. باختصار، لا يمكن لأي مكان آخر ان يتماهى مع موطن الشبك، او يتطابق مع فكرة ارتباطهم المكاني بهذه الارض التي تقاسموها مع بقية الاقليات في سهل نينوى


ثانياً: مثلث الهوية (اللغة المشتركة)، تتميز لغة الشبك عن لغات جيرانهم، وهي مقصورة على استخدام الجماعة، وتتمثل اهميتها في الحفاظ على الذاكرة وتبادل الافكار والتقارب، وتشكل عنصرا اساسيا لهوية متميزة، لذا نجد الشبك يدافعون عن خصوصية وتميز لغتهم في مواجهة جميع الآراء التي تنسبها الى اللغة الفارسية او التركية او الكردية، او عدها مجرد لهجة مشتقة من احدى هذه اللغات، او من يرونها مجرد لغة مستحدثة او هجينة من اللغات العربية والفارسية والكردية والتركية. لذا يبدو مهماً بالنسبة للشبك التأكيد على تميز لغتهم بمفرداتها الخاصة واسلوب ألفاظها حتى في الوقت الذي تحتوي فيه على مفردات من لغات اخرى كالعربية والكردية والفارسية والهندية والتركية، وبالطبع هذا امر شائع في تكون وتطور اللغات.


ثالثاً: مثلث الهوية (الخصوصية الدينية)، بالرغم من ان الشبك مسلمون ويشتركون مع بقية المسلمين بإيمانهم بأركان الاسلام، الا انهم متميزون عنهم باعتناقهم التشيع الاثني عشري، مع اعتناق قسم منهم المذهب الشافعي، إلا ان هناك مسحة من التأثر بالطريقة البكتاشية، وبذلك يعد اعتقادهم الديني ذا بصمة إثنية خاصة تتعلق بميراث طقوسي عرفاني/صوفي يميزهم عن الاغلبية المسلمة العربية والكردية التي يشاركونها الاعتقاد الديني من جهة، وعن الاغلبية الشيعية العربية التي يشاركونها الانتماء المذهبي.


رابعاً: مثلث الهوية (الثقافة): يتميز الشبك بملابسهم وازيائهم عن جيرانهم من بقية الجماعات الإثنية مع تأثرهم بها في الوقت عينه، وتختلف هذه الملابس حسب الفصول وحسب الفوارق الطبقية والسن والجنس.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن