29 May
29May

محاضرة الدكتور حميد فاضل التميمي

شكراً للحضور جميعاً، وشكراً لهذه الاستضافة، شرفٌ لنا أنْ نتواجد وسط هذه النخبة الأكاديمية المتميزة والمتخصصة في مجال العلوم السياسية والقانون الدولي، وأنا شخصياً منذ مدة طويلة انقطعت عن اجواء المحاضرات بسبب الانشغال بالأعمال الإدارية، ولكنني متيقن أن موضوع اليوم على درجة عالية من الأهمية، وأود الإشارة إلى محورين مهمين.

مفهوم السيادة

المحور الأول يتعلق بمفهوم السيادة وقد تكون البداية في إطار الفكر السياسي من (جان بودان) وحديثه عن السيادة، وهل ما زال مفهوم السيادة يُحافظ على دلالاته المعرفية والفكرية طوال هذه السنوات أم حصل تغيّر في هذا المفهوم؟ والحقيقة إن المتتبع والمراقب للسلوك السياسي الخارجي تحديداً ، يجد أنَّ هذا المفهوم قد اعترتهُ تغيّرات وتطورات كثيرة أدت إلى تغيير الكثير من الدلالات المعرفية وحتى القانونية لهذا المفهوم، ويمكن أنْ أقول إن هناك من يرى أنَّ مفهوم السيادة بمعنى السلطة المطلقة للدولة ربما تعرّض للكثير من التغيّرات بفعل التطورات السياسية وتحديداً تطور العلاقات الدولية.

لم تعد الدولة حرة التصرف بتسيير شؤونها الداخلية والخارجية، وبإمكاننا أنْ نتحدث عن تطورين مهمين الأول يتعلق بالاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها الدول مع الدول الأخرى في إطار الأحلاف أو المعاهدات الدولية بالتأكيد هذه الاتفاقيات ترتب على الدولة التزامات حتى بعضها يتعلق بالتزامات داخلية كإلتزامات هيكلة الاقتصاد أو تحديد السياسات الداخلية (السياسات المالية والاقتصادية)، دعوني اذكر في الأزمة الاقتصادية الحالية نحن دائماً نفكر بموضوع دعم صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي وعادةً حتى تُقدم الدعم هذه المؤسسات المالية العالمية دائماً تضع اشتراطات حتى البعض يشير إلى موضوع سعر صرف العملة والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للحصول على هذه المعونة والمساعدة، ومن ثم لم يعد هناك حديث عن السيادة بشكل مطلق وتعرّض المفهوم التقريبي للسيادة إلى اهتزازات كبيرة في هذا الجانب.

سأُشير سريعاً إلى المبدأ السابع من مبادئ الأمم المتحدة الذي يتعلق بأنه ليس للمنظمة أيّ سلطة للتدخل فيما يُعد من صميم السلطان الداخلي للدول، بمعنى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ربما في مطلع التسعينيات وبعد انتهاء الحرب الباردة قفز إلى الأدبيات السياسية والقانونية مفهوم التدخل الدولي الإنساني ففي مؤتمر ميونخ لعام 1993 أو قبل ذلك أو بعد ذلك شهدنا أنَّ هناك تدخلا يأخذ صفة شرعنة أو شرعية دولية مثل التدخل في الصومال، والتدخل في كوسوفو، والتدخل في ، وحتى في شمال العراق وهذه المصطلحات بدأت تظهر بشكل واضح من خلال الممارسات والسلوكيات للدول الكبرى لاسيما بعد انهيار نظام ثنائي القطبية ونهاية الحرب الباردة ومن ثم أصبح هناك جدل في هذا الباب أو هذا الجانب.

مفهوم المصلحة الوطنية

أمّا المفهوم الثاني وهو مفهوم المصلحة الوطنية أو المصلحة العليا للدولة، في الحقيقة هذا الموضوع أكثر غموضاً من موضوع السيادة لأنَّ مفهوم السيادة له دلالات قانونية واضحة ولأن هناك ممارسات تعبر بها الدولة عن تمتعها بالسيادة من عدمها، ولكن موضوع المصلحة الوطنية نجد أنَّ هذا الموضوع أكثر جدلاً وإختلافاً بين الباحثين والمتخصصين بالعلوم السياسية ودراسات القانون.

على مستوى المصطلح البعض يسميها (المصلحة الوطنية)، وهناك من يسميها المصلحة القومية، وهناك من يتحدث عن مصلحة استراتيجية، وما أقصده المفهوم أو على صعيد المصطلحات تعددت لدينا المفاهيم والمصطلحات التي تناقش هذا المفهوم.

الجانب الآخر هل المصلحة الوطنية العليا تتعلق بالسياسة الداخلية أم أنَّ الأمر يمتد إلى العلاقات الدولية والعلاقات بين الدول وما إلى ذلك؟ اذا ذهبنا باتًجاه النظرية الواقعية التقليدية المتمثلة بـ(جورج كينان وهانز مورغنثاو) ربما نذهب باتًجاه أنه قد نتحدث عن مصلحة الدولة العليا في إطار علاقاتها مع الدول الأخرى، والحديث عن استخدام القوة لتحقيق مصلحة الدولة وإنْ كان استخدام هذه القوة بحذر وبروية، ولكن بكل الأحوال يتحدث بأنَّ هذا المفهوم يرتبط بالعلاقات الدولية ومن ثم يُعد  الأمر من الجوانب المتعلقة بالسياسة الخارجية والدوائر المتعلقة بصنع القرار السياسي الخارجي، ولكن هذا المفهوم أو المصطلح – مصطلح المصلحة الوطنية العليا – نسمعه يتردد كثيراً والكل يتحدث عن المصلحة الوطنية ولا نعرف بالتحديد ما هذه المصلحة الوطنية.

إنَّ مفهوم المصلحة الوطنية في تقديري يخضع لاعتبارات عديدة بعضها يتعلق بمكانة الدولة في النظام الدولي، وبعضها يتعلّق بحجم الدولة، وبعضها يتعلق بجغرافية الدولة، وبعضها يتعلق بديموغرافية الدولة، والبعض يتحدث عن موارد هذه الدولة، والبعض الآخر يتحدث عن طبيعة النظام السياسي للدولة وأثر هذا النظام في تحديد المصلحة العليا للدولة، ولهذا اشتبك هذا المفهوم بشكل واضح وكبير حتى التبس عند البعض وبدأ يضع سُلم أولويات،  من نضع في المقدمة؟ مصلحة الخارج أم المصلحة الداخلية.

مجالات المصلحة العليا

هناك من أراد أنْ يحصر موضوع المصلحة العليا بثلاثة مجالات:

المجال الأول: هو مجال الأمن، والأمن بمفهومه الواسع وليس فقط الجوانب العسكرية كل ما له علاقة بحماية أمن الدولة وصيانة سيادتها اذا أردنا أنْ نتحدث عن هذا المفهوم يدخل في إطارات كثير كمفهوم الأمن المائي، والأمن الاقتصادي، وما إلى ذلك.

المجال الثاني: البعض يتحدث عن المجالات الاقتصادية فيما يتعلق بقوة الدولة، واقتصادها، ورفاهية شعبها، وحُسن توظيفها للموارد والطاقات الموجودة.

المجال الثالث: البعض الآخر يتحدث عن موضوع القيّم وتأثير هذه القيّم على مصلحة الدولة العليا.

وكل مجال من هذه المجالات الثلاثة قابل للزيادة والنقصان، اذا تحدثنا عن موضوع الأمن مثلاً وما لهذا المفهوم من علاقة بالسيادة بشكل واضح كيف تحقق الدولة سيادتها وأمنها في ذات الوقت؟ بالتأكيد هذا الأمر فيه جدلية والعلاقة تبدو متشابكة بشكل كبير جداً، كما قلت مفهوم السيادة ليس المفهوم المطلق المتعلق بالامبراطورية الرومانية ، وإنما نتحدث عن علاقات دولية لها انساق ولها مصالح، البعض قد يُشير إلى أنَّ الدولة أحياناً تحتاج من أجل الوصول إلى الأمن الذي جعلناه المرتكز الأول في مفهوم المصلحة الوطنية العليا إلى التنازل قليلاً عن سيادتها،

نحاول أنْ نعطي مثالا بأنَّ الدخول في التحالفات أو الأحلاف العسكرية عادةً فيه تخلي طوعي من قبل الدول الصغيرة التي تنشد أو ترغب في المحافظة على أمنها، من خلال التنازل عن بعض خصائص السيادة لها، وعلى سبيل المثال دولة صغيرة مثل الكويت تعيش بين ثلاث دول إقليمية كبرى وهي العراق، والسعودية، وإيران، اذا أرادت أنْ تسعى إلى تحقيق أمنها دون الدخول في معاهدات وأحلاف عسكرية،  ستجد صعوبة كبير في التضحية بالأمن مقابل احتفاظها بسيادتها، ولهذا نجد أنَّ هناك قواعد عسكرية وهناك علاقات وهناك معاهدات للتحالف العسكري المشترك، تلجأ لها هذه الدول لتحقيق أمنها مقابل التنازل عن شيء من سيادتها، ومن ثم هنا لا تصبح العلاقة تضادية بين مفهوم السيادة وبين مفهوم المصلحة العليا للدولة لأنَّ مصلحة الدولة العليا في تحقيق الأمن والمحافظة على أمن ووحدة البلاد، وللوصول إلى هذه المصلحة العليا يحتاج أنْ يكون هناك تنازل عن بعض خصائص السيادة لمصلحة أحلاف ومعاهدات وعلاقات وربما علاقات ثنائية كالمهادنة العسكرية بين الكويت والولايات المتحدة الأمريكية مثلاً.

اذن القضية ليست حادة بهذا الشكل وإنما بالإمكان النظر لها على ان العلاقات الدولية سلوكيات مرتبطة بوجود مصالح مختلفة وليس بإمكان دولة ما أنْ تحقق كامل مصالحها دون أنْ يُقابل ذلك بتنازل عن شيء من سيادتها، أساساً عندما نتحدث عن الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى نجد أنَّ القبول بميثاق أو بالدستور المؤسس لهذه المؤسسات والمنظمات يُرتب على هذه الدولة أو تلك التزامات بعضها يتعلق بالسياسة الداخلية كاحترام حقوق الإنسان، والحريات، والديمقراطية وما إلى ذلك.

المسألة الأخرى هي مسألة الاقتصاد وهذه قيمة عليا كثير من الدول ذهبت باتًجاه البحث عن ترسانة عسكرية قوية وتناست بشكل كبير جداً مسألة الجانب الاقتصادي والقاعدة الاقتصادية للمجتمع، هناك مثال واضح يتعلق بالاتحاد السوفيتي السابق ربما عسكرياً دخل بسباق تسلح مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل أنْ يكون صاحب قرار سيادي ومن أجل أنْ يُنافس الولايات المتحدة ويُسابقها في الكثير من مواقع العالم أدّى إلى إهمال الجانب الاقتصادي في دولة تتبنى نظاماً ماركسياً يؤمن أولوية وأهمية العامل الاقتصادي على العوامل الأخرى ولكن على التطبيق شهدنا تجربة مريرة في هذا الجانب.

الأمر الثالث موضوع القيم وأنا أقول إنَّ هذا المفهوم يحتاج إلى نقاش مطوّل، هل نتحدث عن الدين أو العوامل الثقافية، وإنْ كان الدين في نظر البعض هو جانب ثقافي يتعلق بمجتمعات بعينها، ولكن يجب دائماً أنْ نتحدث عن مصلحة الدولة العليا التي نسمعها كثيراً في ممارساتنا بأنَّ هذه الدولة تحاول أنْ تجعل من سياستها الخارجية مرتبطة بالتماثل الإيدولوجي والعقائدي لهذه الدول، أنا ربما أختلف، الدول الكبرى التي تسعى لتحقيق مصلحتها العليا ربما لا تجعل من موضوع التماثل الإيدولوجي والعقائدي بوصلة لحركتها بحثاً عن المصلحة العليا، المصلحة العليا لها تعدها الحلقة الأقوى أو ربما الهدف الأسمى أو الخط الأحمر مثلما يسميه البعض للوصول إلى أهدافها.

فرنسا وأسبانيا

أُشير إلى مثالين، المثال الأول يتعلق بفترة كانت فيها العوامل الدينية والدين يلعب دوراً محورياً في السياسات الأوربية، أتحدث مثلاً في حروب الثلاثين عاماً التي جرت بين الدول الأوربية، وكانت ألمانيا وسائر الدول الأوربية في وسط أوربا ساحة لهذا الصراع، وجدنا بأنَّ فرنسا الكاثوليكية تقف بالضد من أسبانيا الكاثوليكية في صراعها من أجل السيطرة على الولايات الألمانية والعرش الأسباني وما إلى ذلك، اذن بالنتيجة ما حرك فرنسا هو شعورها بأنَّ مصلحتها العليا لا تتمثل في التحالف مع أسبانيا لأسباب عقائدية تتمثل في أنَّ اسبانيا كاثوليكية وفرنسا التي كانت تعتقد نفسها بأنها تُنافس إيطاليا على زعامة العالم الكاثوليكي وأضحت واضحة في هذا الاتجاه، ولم تتردد فرنسا الكاثوليكية أنْ تقف في وجه أسبانيا الكاثوليكية لمصلحة بريطانيا وربما بعض الدول الأخرى التي هي دول بروتستانتية بالأصل.

نزاع قره باغ

وهو مثال معاصر، يشير البعض إلى أنَّ العلاقة بين العراق وإيران مرتبطة بموضوع العقائد والأديان والمذاهب، ودورها بالسياسة الإيرانية. وربما لدينا مثال واضح وصريح بمرحلتين مهمتين اذا لم تكن واضحة الآن ربما بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي شاهدنا إيران تتبنى في  مذهب (الأثني عشري) وتتحالف أو على أقل تقدير تصطف إلى جانب روسيا وأرمينيا المسيحية في مواجهة اذربيجان الإسلامية الشيعية في نزاعها على (قرباغ)، اذن هذا مثال واضح وصريح على أنَّ الدول الكبرى تضع المصلحة العليا في مقدمة اعتباراتها ومن ثم علاقاتها مع الدول وبوصلتها للحركة مع هذه الدول يعتمد بشكل أساسي على مدى تحقيق المصلحة وفق منهج النظرية الواقعية.

العراق والمصلحة الوطنية

من هذا المثال أُريد أنْ أدخل للساحة العراقية بشكل واضح وأُشير إلى غموض هذا المعنى وعدم وضوحه بشكلٍ جلي، و قلت فيما سبق إن المصطلح فيه التباس ولكن بكل الأحوال لدينا التباس بالأساس، ما مصلحة الدولة العليا سواء في علاقاتنا أو تحالفاتنا وفي مشاكل كثيرة، المشكلة الأولى التي تعترضنا من يحدد المصلحة العليا للدولة؟ وهذه قضية إدارية.

قبل مدة من الزمن شاهدت الخلاف المحتدم على سبيل المثال في لبنان، ولبنان موقفها مشابه إلى حدٍ ما مع الحالة العراقية سواء في تنوعها أم في التنافس الإقليمي في السياسة اللبنانية، صار هناك اعتراض وجدل كبير في موضوع مصلحتنا مع من؟ مع إيران مثلاً؟ أم مع السعودية؟ وفي هذه الأجواء كان هناك تصريح للرئيس (عماد ميشيل عون) قال فيه: "أنا من يحدد المصلحة العليا للدولة" وهنا دخلنا في إشكال مفاهيمي كبير هل نتحدث عن مصلحة عليا تُحددها الحكومة؟ ويذهب بعضٌ من القانونيين إلى أنَّ تحديد المصلحة العليا هو وظيفة ومسؤولية الحكومة، أيّ حكومة عندما تضع برنامجاً لها تُحدد المصلحة العليا، ربما يعترض البعض على هذا الأمر، ويشير إلى أنَّ برنامج الحكومة هو تنفيذ للمصلحة العليا و هو أكبر من الحكومة ومن رئيس الحكومة وأكبر من الوزراء، وربما هو قضية عامة تحتاج إلى اتفاق.

(صاموئيل هينتغتون) عندما يتحدث في كتابه (من نحن) عن الهوية الأمريكية تستوقفني عبارة، يتحدث في هذه العبارة بأنَّ الشعب الأمريكي أو سكان الولايات المتحدة الأمريكية لا يعتزون بواقعة أو بحرب (الكونكورد) وهي بداية الثورة الأمريكية في عام 1776، ولا يهتمون بتمثال الحرية أو بقاعة الاستقلال بقدر اهتمامهم واعتزازهم وتمسكهم بدستور 1787 المصادق عليه في عام 1789 واعتبارهم هذا الدستور أو هذه الوثيقة قد حددت لهم عقداً اجتماعياً سياسياً وضحت من خلاله ملامح المصلحة الأمريكية العليا، وحددت العلاقة بين الدولة والدين، وحددت طبيعة النظام السياسي، و العلاقة بين الولايات التي بدأت بـ(13) ولاية، وخضعت الولايات المتحدة لحروب أهلية قد تكون من ضمنها الحرب التي دارت في عام 1861  واستمرت لعام 1865 وما أدت إلى تغييرات كبيرة في الداخل الأمريكي.

وفي كل الأحوال تكمن مشكلتنا الآن في الالتباس والغموض في موضوع المصلحة العليا، والمسبب لهذا الأمر، أولاً أمر متعلق أو مرتبط بالهوية الوطنية العليا وعدم الاتفاق على هذه الهوية، البعض قد يجعل من الأحزاب السياسية صانعةً للمصلحة الوطنية أو تحدد المصلحة العليا، قد تكون مصلحة الأمن في علاقة تصارعية مع دول الجوار أو في علاقة تعاونية، القاعدة الاقتصادية تتكون من خلال تحالفات وعلاقات اقتصادية مع دول الإقليم  أو بالضد من هذه العلاقة الدين والقيّم ودورها ولاسيما المجتمع والثقافة والحضارة ودورها فيما يتعلق برسم المصلحة العليا للبلاد.

تحديد المصلحة العليا

هناك قضايا جدالية كبيرة ممكن أُشير إليها سريعاً إلى إختلاف المتبنيات، في البداية نحتاج إلى تحديد المصلحة العليا، عندما نتحدث عن مشكلة اليوم التي تدور حول موازنة الدولة الاتحادية، هل تجد أنَّ منطلقات الحكومة الاتحادية تتشابه ولا تتقاطع مع منطلقات حكومة إقليم كردستان في أربيل؟ يعني على سبيل المثال ما البوصلة التي تُحرّك توجهات حكومة إقليم كردستان، هل المصلحة العليا في أنْ يكون هذا الإقليم  جزءاً من الدولة والموارد تكون في خدمة الدولة؟ أم أنَّ الأمر مختلف لأنَّ هناك من يقول لماذا نعطي نفط الإقليم  إلى الحكومة الاتحادية، والحكومة الاتحادية تُشير إلى أنَّ النفط والغاز مُلكٌ للشعب العراقي، ومن ثم لدينا إشكالية كبيرة في تحديد مكانة المصلحة العليا في هذا الجانب.

الخلاف الداخلي سبب في غياب المصلحة

اذن نحن في إشكالية أساسية وفي إشكالية مفصلية فيما يتعلق بتحديد المصلحة العراقية العليا، وما له علاقة بموضوع الأمن العراقي، وكفّ تدخلات الدول الأخرى في الداخل العراقي، ومن ثم عدم الاستقرار والخلاف الموجود في الداخل العراقي هو سبب رئيسي في غياب مصلحة وطنية عراقية عُليا متفق عليها، وسيستمر هذا الأمر وربما لا تبدو ملامح للاتفاق على ذلك، ويجب أنْ لا نكون متشائمين ولكن واقعيين على وفق النظرية الواقعية.

الانتخابات والمصلحة الوطنية 

كلما اقترب موعد الانتخابات نضع أيدينا على قلوبنا لأننا نخشى من أنَّ الفوز بالانتخابات قد يؤدي إلى التفريط بمصطلح الأمن ومصطلح المصلحة العراقية العليا التي تتمثل في وحدة واستقرار العراق، هناك الكثير يقول إنَّ الانتخابات ستقود إلى تفكك للبلاد وإلى مشاكل مع الأكراد، ومشاكل بين السنة والشيعة، والبعض يتحدث عن سيناريوهات وصراع بيني (شيعة شيعة أو سنة سنة أو أكراد أكراد) وغيرها من الصور التي توضح أنَّ هناك مشكلة في تحديد المصلحة العليا للبلاد.

_______________________

*  هذه الندوة  .. تحمل عنوان: ( جدلية العلاقة بين سيادة الدولة والمصلحة الوطنية) ..  وكانت الندوة الافتراضية الأولى .. ضمن سلسلة ندوات مترابطة ومتكاملة ومتواصلة.. جرت و كل منها تعتمد على مخرجات الندوة التي سبقتها.. وتتكامل معها.. وصولاً إلى الإجابة على التساؤلات التي أثارها كتاب (أزمة العراق سيادياً ). الندوة ــ بسبب الأوضاع الصحية وجائحة كوروناـ تجري عبر الانترنت من خلال برنامج زووم، وقد بثّت الندوة  مباشرة على صفحات ملتقى بحر العلوم للحوار وصفحة معهد العلمين للدراسات العليا على الفيس البوك..بتاريخ  2 اذار 2021   

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن