حسين القاصد
قال أبو الطيب عظم شعره :
تظُنُّ فراخُ الفُتْخِ أنكِ زُرتها
بأُمَّاتِها و هيَ العتاقُ الصلادِمُ.
وهنا نراه يجمع ( أم) جمعاً مؤنثا سالماً من دون ( الهاء) التي تضاف في الجمع؛ لكن من أين جاءت الهاء؟
يقولون إن أصل كلمة ( أم) هو (أمهة) وبذلك يكون جمعها (أمهات) ولم نسمع أحداً خاطب أمه قائلا : يا أمهتي!، ومنهم من ذهب إلى التصغير فقال: أميهة، وفي هذا تعسف شديد، سنقف عنده، ومنهم من رأى أن ( أميمة) مصغر كلمة ( أم) وهذا أقرب للصحة، فيكون الجمع ( أميمات) أقرب للصواب وأقرب للصيغة التي وردت عند أبي أبي الطيب العظيم.
إذن، من أين جاءت هاء ( أمهات)؟
أرى أن الاحتكام للنطق والصوت قد يوصلنا إلى نتيجة غير تلك التي تكلست في المعاجم؛ ذلك لأن الهاء من أحرف النهايات في النطق، وهي هاء السكت ولنا أن نسميها هنا ( هاء الاحتياج) ففي قولك يا أبه، تريد يا أبتي ويا أبي، وقد وردت في العامي عند أغلب البلدان العربية بهذه الصيغة بلا همزة ( يابه) عند العراقيين والمصريين وغيرهما، وقد تحتفظ ( أبو و أخو) بالواو عند نسبتها فتقول ( أبوي) ( أخوي) وقد تلحق بهما الهاء (ابويه وأخويه) وهو شائع في العراق ومصر غير ان بعض العرب ينطقها ( أبويا) و (خويا) وهو شائع جدا.
هنا تحديداً، في قولنا ( أبه) هل لنا أن نجمعها جمعا مؤنثا سالما جريا مع قال ب ( أمهة)؛ نعم : في عامية أهل الجنوب في العراق نقول( ابّهات) ونريد بها آباء، لكن ( أبه) هي أخت ( أَمَه) صوتا ( بفتح الهمزة والميم) وهذه ليس الأم بل الأَمَة وهي المرأة غير الحرة لذلك لم يجمعها العرب على ( أمهات) بل جمعت على ( إماء) إمعانا في ( تكسيرها )، ومصغر (أًمَه) هو (أميهة) أو (أمية) الذي اليه يرجع نسب الأَمويين؛ لذلك من الخطأ أن ننطق ( الأمويين) بفتح الهمزة بل يجب ضمها انطلاقا من أصل ( أمية) قبل التصغير، وقد يكون من الصحيح تحقيراً ولكم أن تقولوا غير ذلك والله اعلم.
أمّات.. في بيت المتنبي هي الصواب، وأمهات صواب صوتي/ نفسي بعد وقوف المتكلم على هاء السكت التي قد تصلح للنداء كقولك ( أماه) بحذف ياء النداء؛ لذلك ومن دون تعسف وتبذير لغوي فجمع أم على أمهات لا علاقة له بالتعسف الذي يذهب باتجاه أن الأصل (أميهة).
هامش :
كلما رصدت انحرافاً في ( بنات) الأفكار، ركضت لأتأكد من شرف ( أمهات) الكتب.