11 Feb
11Feb

بعد الإطلاع على إجراءات الجولة الخامسة ونموذجي عقديها وبالعودة إلى إجراءات الجولات الأربعة السابقة وعقودها ، والأخذ بنظر الإعتبار الملاحظات التي أوردها السادة المعنيون بالصناعة النفطية ، نود أن نبين ملاحظاتنا بشأن الجولة الخامسة وعلى النحو الآتي :ـ

توزعت ملاحظاتنا على المحاور الأربعة الآتية :

أولاً - المحور القانوني.

ثانياً  - المحور التنظيمي.

ثالثاً  - المحور التعاقدي.

رابعاً - المحور الإقتصادي.

أولاً _ المحور القانوني :ـ

لا يوجد أي إختلاف في الأساس القانوني الذي إستندت إليه الجولة الخامسة عما هوعليه في الجولات الأربعة السابقة ، وللفائدة نود أن نشير الى أهم التشريعات التي إستندت اليها جميع الجولات وهي حسب الترتيب الآتي :-

1.       المادتان / 111 و112 من الدستور .

2.       قانون تخصيص مناطق الإستثمار لشركة النفط الوطنية رقم / 97 لسنة 1967 .

3.       قانون تنظيم وزارة النفط رقم / 101 لسنة 1976المعدل .

4.       قرار مجلس قيادة الثورة ( المنحل ) رقم / 267 لسنة 1987 .

5.       قانون الشركات العامة رقم / 22 لسنة 1997 المعدل .

وبالتالي فلا يوجد أي مجال للطعن بهذا الإتجاه ، علماً أن الجولات  الأربعة السابقة قد أصبحت أمراً واقعاً معترف به قانوناً من قبل مجلس النواب وذلك من خلال تخصيص المبالغ الخاصة بكلفها في قوانين الموازنة العامة الإتحادية للسنوات السابقة، والنص عليها فيما يخص ضرورة إعادة النظر في عقودها في قوانين الموازنة العامة للسنوات ( 2016 ، 2017 ، 2018 ) .

ثانيا ً_  المحور التنظيمي :ـ

إعتمدت الجولة الخامسة معظم الإجراءات والخطوات التي كانت متبعة في الجولات الأربعة السابقة مثل :

1.الإعلان عبر وسائل الإعلام عن الحقول والرقع الأستكشافية المشمولة بالجولة .

2.التأهيل المسبق للشركات .

3.إعداد موديل العقدين مع الإستشاري العالمي ( GC&A ) .

4.بيع حقائب المعلومات للشركات المؤهلة .

5.إجراءات التنافس العلنية والشفافة أثناء تقديم العروض يوم 26/4 / 2018.

ولكن لم يكن هناك ( مؤتمر ترويجRoad Show    ) بالشكل المتعارف عليه في الجولات السابقة أو  ( ورشة عمل ) مع شركات النفط العالمية ، كما كانت الفترة قصيرة نسبياً بين الإعلان عن الجولة في 27/ 11 / 2017 ويوم المنافسة في 26/ 4 / 2018 حيث أشار البعض الى ذلك في نقدهم اجراءات الجولة وبصدده وبصدد النقاط الأخرى نود أن نبين الآتي :

1 . فيما يخص عدم إقامة مؤتمر الترويج أو ورشة العمل فأن ذلك لا يؤثر على فعالية الجولة وإجراءاتها، فقد سبق وأن إدمج مؤتمر الترويج وورشة العمل ضمن فعالية واحدة في جولة التراخيص الثالثة عام 2010 وكانت النتيجة إحالة الحقول الغازية الثلاثة المعلنة.

كما أن مؤتمر الترويج وورشة العمل كانا مهمين في الجولات السابقة بالأخص الجولتين (الأولى والثانية ) على إعتبار أن جولات التراخيص كانت  تجربة عراقية جديدة وأن شركات النفط العالمية لم يسبق لها العمل في العراق وكذلك ظروف ما بعد التغيير عام 2003 ، ولذلك كان من الضروري شرح وتوضيح إجراءات الجولة وملامح العقد من خلال مؤتمر الترويج ومناقشة ملاحظات الشركات من خلال ورشة العمل  .

أما الآن وبعد مرور عشر سنوات على الإعلان عن الجولة الأولى عام  2008  ومن بعد ذلك تنفيذ أربع جولات وتوقيع (18) عقداً ودخولها حيز النفاذ ابتداءاً من عام 2009 فأن الإمور قد أصبحت واضحة أمام شركات النفط العالمية فيما يخص إجراءات الجولات والعقد النموذجي ما عدا حاجة الشركات الى معرفة بعض التغييرات والتعديلات التي طرأت على موديل العقد، وقد تم إرسال هذه التعديلات والتغييرات للشركات التي اشترت حقيبة المعلومات قبل اسبوعين من موعد المنافسة.

2. أما قصر الفترة بين يوم الإعلان ويوم المنافسة ( 5 ) خمسة أشهر فأيضاً  كانت الفترة في الجولة الثالثة ( 5) خمسة أشهر وكانت الجولة ناجحة من حيث إحالة الحقول ـ كما ذكرنا .

3. فيما يتعلق بعدم إعتبار إنتاج الذروة (Plateau Production  ) كعامل تنافسي والإكتفاء بنسبة من الإيراد المفترض، فقد استغلت الشركات ذلك في الجولات السابقة وقدمت أرقاماً عالية لا يمكن تحقيقها من أجل الحصول على العقد، لذلك كان من الأفضل عدم تفعيل هذا العامل .

4. فيما يخص الشركة التي يزعم البعض أنها مدرجة في القائمة السوداء وحصلت على ثلاث إحالات في هذه الجولة، نود أن نبين بأن هذه الشركة كانت مدرجة في قائمة خاصة بوزارة النفط تبعاً لسياستها في التعامل مع الشركات والتي تتغير من حين الى آخر حسب مقتضيات المصلحة العامة، وليست في القائمة السوداء لأن إدراج أية شركة في القائمة السوداء هو من إختصاص وزارة التخطيط وهذا ما لم يحصل .

5 ـ فيما يتعلق بكشف الوزارة عن الحد الأعلى لنسبة الربحية للشركة ( MPB ) قبل تقديم العطاءات من قبل الشركات المتنافسة، فبالإضافة إلى الشفافية العالية والحافز القوي لتنافس الشركات فأن هذا ليس غريباً عن النظام القانوني العراقي، فقد تضمنت تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم/ 2 لسنة 2014 في المادة ( 2- أولاً- د )  نصاً عن إعلان الكلفة التخمينية للمناقصة المعلنة .

ثالثاً – المحور التعاقدي :ـ

إحتوى موديلا عقدي الجولة الخامسة على تغييرات وتعديلات لبعض المواد والفقرات التعاقدية في موديل عقود الجولات السابقة والتي في معظمها تعديلات ايجابية لطرفي العقد والتي كانت محل نقد ومثار إهتمام بعض المعنيين بشؤون الصناعة النفطية، فلقد كشف تنفيذ عقود الجولات الأربعة السابقة عن ضرورة إجراء بعض التعديلات والتغييرات على العقود مستقبلاً والأخذ بنظر الإعتبار ملاحظات المعنيين على الرغم من نجاح هذه الجولات ورصانة عقودها ونوجز أهم هذه التغييرات والتعديلات التعاقدية  فيما يأتي :ـ

1.       إلغاء النصوص المتعلقة بشركة التشغيل المشتركة ( JOC )، وفي الواقع أنه رغم وجود النصوص المتعلقة بتأسيس هذه الشركة في الجولات الثلاثة ( الثانية ، الثالثة ، الرابعة ) فلم تؤسس أية شركة من هذا النوع رغم توفر شروط تأسيسها وذلك للصعوبات التشريعية التي تواجه تأسيسها بسبب عدم النص عيها في قانوني الشركات رقم / 21 والشركات العامة رقم / 22 لسنة 1997

2.       إدخال العديد من التعديلات والتغييرات الإيجابية التي تصب في المصلحة العامة والتي لم يشر لها المعترضون ونذكر أهمها :-

أ‌.        تحديد مواصفات النفط الخام والغاز.

ب‌.      تقليل الصلاحيات المالية للمشغل .

ت‌.      بناء معمل غاز واستغلال الغاز المصاحب .

ث‌.      عدم السماح للشركات بفتح مكاتب خارج العراق .

ج‌.      إلغاء مفهوم الخدمات الخاصة .

ح‌.      إلغاء الكلف الإضافية Supplementary Cost

خ‌.      إلغاء التحميلات الإداريةOverhead Charges

د‌.       فرض ضريبة بنسبة 35 % على الشركات الأجنبية في حالة بيع أسهمها أوحصصها في منطقة العقد وهي ضريبة تسمى( Capital Gain Tax الضريبة على رأس المال ) وصحيح أن القانون العراقي لم ينص عليها، وأن الضريبة لا تفرض ولا تجبى ولا يعفى منها الا بقانون حسب نص الدستور،إلا النص عليها في العقد يعطيها الشرعية في حال تشريع قانون خاص بها، فقد نصت عقود الجولتين (الأولى والثانية) على ضريبة دخل بنسبة 35% عام 2009 في حين أن القانون الخاص بهذه النسبة شرع عام 2010 برقم / 19 .

ذ . تحديد نسب وتوقيتات العمالة العراقية ضمن منتسبي المقاول، وهذا التحديد ملزم للمقاول ولا يترك له مجال للتبرير أو التسويف أو الإجتهاد .

ر . الزام المقاول بالتعاقد مع مراكز البحوث والمؤسسات العلمية العراقية ، وهذا الشرط يوفر العملة الصعبة ، ويمنح الفرصة للمراكز والمؤسسات البحثية  العراقية فرصة أكبر للعمل وإكتساب الخبرة وإثبات الوجود والإنتشار عالمياً.

      ز . بعض الإجراءات الواضحة والمحددة فيما يخص دفع الضرائب والرسوم الكمركية .

رابعاً – المحور الإقتصادي :ـ

الملاحظ أن أغلب المنتقدين سابقاً وحالياً يركزون دائماً على المحور الإقتصادي في هذه العقود على إعتبار أن هذا المحور يمثل الغاية من ابرامها وهي زيادة الإنتاج بكلفة أقل وبالنتيجة تعظيم الإيرادات ، لذلك تراهم يقومون بحسابات إقتصادية مبنية على مجموعة افتراضات قد تحصل وقد لا تحصل، ونعرض بإيجاز أهم النقاط المعترض عليها :

1 . إلغاء حصة الشريك الحكومي State Partner والتي كانت بنسبة 25% في عقود الجولات السابقة ( تم تعديل النسبة في بعض عقود الجولتين الأولى والثانية ) في حين أن عقود الجولة الخامسة قد تضمنت ( الإتاوة    Royalty ) بنفس النسبة 25% وهذا يعني تغيير صيغة المشاركة بشكل افضل وليس هناك ضرر إقتصادي يلحق المصلحة العامة.

2. الغاء معامل الإسترداد (R-Factor  ) وفي الواقع أنه اذا كان هناك وجه ايجابي لهذه المعامل فله وجه سلبي ايضا ، ذلك أن المقاول يستمر في زيادة الكلف من أجل أن لا يصل هذا المعامل الى ما يساوي = 1 أو أكثر .

3. ربط استرداد الكلف بالأسعار بحيث يتم استرداد الكلف بنسبة تتراوح بين( 30% - 70%) من الإيراد المفترض الصافي حسب الأسعار ، وهذا ما كان ينادي به الكثير من المعنيين فهو برأيهم أفضل من النسبة المئوية الثابتة وهي 50% في عقود الجولات السابقة والتي لا تعطي مرونة عند إنخفاض الأسعار، فالمعادلة الجديدة في عقود الجولة الخامسة تعطي مرونة أكبر للوزارة في دفع التكاليف للمقاول وحسب إنخفاض وارتفاع الأسعار .

الخلاصـــــــة

يتضح مما تقدم :-

أولاً–إن معظم الإنتقادات التي وجهت لعقود الجولة الخامسة ( على الرغم من قلتها ) لم تتناول جوانب اساسية أو جوهرية في الإجراءت أو في نموذج عقدي الجولة، بل كان أغلبها تساؤلات مبنية على رؤى مستقبلية وحسابات إحتمالية .

ثانياً - ليست هناك أية مخالفة دستورية أو قانونية أو تعاقدية في  نموذج عقدي الجولة الخامسة، وأن أغلب التعديلات والتغييرات التي تضمنها العقدان مقارنةً بعقود الجولات الأربعة السابقة كانت في صالح العراق .

ثالثاً - إن لحقول ورقع الجولة الخامسة كونها حدودية أهمية كبيرة في عدة إتجاهات وعلى النحو الآتي :ـ

1. الأهمية السياسية  :ـ

ممارسة الدولة سيادتها على ثرواتها الطبيعية داخل أراضيها وضمن حدودها الجغرافية وعدم ترك المجال لدول الجوار بالتجاوز على أراضيها  أو استغلال الحقول او المكامن المشتركة .

2. الأهمية الإقتصادية :ـ

زيادة إنتاج النفط الخام والغاز والذي يؤدي الى زيادة الإيرادات ومن ثم الى الإنتعاش الإقتصادي ، وكذلك زيادة حجم الإحتياطيات .

3 . الأهمية الإجتماعية:ـ

خلق بيئة عمل محلية بدلاً من تركها أراضي خالية بالإضافة الى خلق فرص عمل كبيرة الأمر الذي يؤدي الى الاستقرار الإجتماعي  على الأقل في مناطق التعاقد .

رابعاً_ نود أن نشير الى الدراسة التي قدمها المعهد العراقي للطاقة ( Iraq Energy Institute) في 19/ 5 / 2018 تحت عنوان : Iraq 5th Bid Round : Analysis  المقدمة من قبل السيدين (Robin Mills   ولؤي الخطيب ) والتي خلص فيها الكاتبان في الصفحتين ( 22 و 23 ) الى أن هذه الجولة تعتبر ناجحة بكل المقاييس وأن عقودها ستوفر مردود مالي وإقتصادي للعراق .

خامساً_ إشارةً الى طلب بعض السادة الخبراء الفضلاء من السيد رئيس الجمهورية  ومجلس النواب ومجلس الوزراء الغاء نتائج هذه الجولة نود أن نبين ما يأتي : ـ

1.       إن الذي نفذ  هذه الجولة هي وزارة النفط الإتحادية ( وهي جزء من الحكومة الإتحادية) تحت علم وإشراف الجهات العليا في الدولة وأن المطالبة بإلغائها يعني فيما يعنية أن الدولة بمؤسساتها الدستورية لا تعلم شيئاً وهذا خلاف الواقع  .

2.       كان بإمكان السادة الخبراء المحترمين أن يبدوا آرائهم بإستقلالية وبصورة منفصلة وهم المعروفون بإمكاناتهم العلمية وحرصهم على الثروة الوطنية بدلاً من أن تدرج اسماؤهم في قائمة واحدة فمن غير الطبيعي أن تكون آراؤهم متطابقة حرفياً !



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن