٢٢ / ١٠ / ٢٠٢٣
فارس الطالب ✍️
إيران تطلب وقف الإعتداء الإسرائيلي الإرهابي على غزة وتهدد بلسان المرشد الأعلى وألسنة المسؤولين في الحكومة والجيش والحرس الثوري بـ( مقاومة الأمة الإسلامية ) وتستنفر حلفاءها والميليشيات والفصائل المرتبطة بها أستعداداً لإنقاذ ( حماس ) وغزة ولو بحرب واسعة .
ولا تجد صعولة من إبقاء الحرب محصورة في القطاع سوى أن تصبح حرباً إقليمية شاملة . فلا سيناريو حرب غزة هو مجرد قصف تدميري وأجتياح بري وأستعداد داخلي للمواجهة مع أستمرار القصف على غلاف غزة والعمق الإسرائيلي .
ولا سيناريو الحرب الإقليمية يواجه فقط القلق العربي والتحذير الأميركي والأوروبي بل أيضا التحذير الروسي والصيني .
ولا سيناريو ما بعد الحرب سوى رحلة في المجهول .
حرب غزة هي فوق بعدها الفلسطيني والإسرائيلي القوي . حرب بالوكالة بين أميركا وإيران . أميركا جاءت
إلى إسرائيل برئيسها وأركان إدارته وترسانتها العسكرية لتقف إلى جانبها وتحذر ( أعدائها ) من فتح الجبهات الأخرى وتحويل الحرب إلى حرب إقليمية .
ذلك أن الرئيس جو بايدن الذي بدا أكثر صهيونية من اليهود . إذ قال للإسرائيليين ( لستم وحدكم وستحصلون على كل ما تطلبونه ).
لكنه أمسك عملياً بالقرار ورسم ( خطوطاً حمراً ) للحرب في غزة وطلب الأمتناع عن توسيع الحرب . هو رأى أن (أحتلال غزة خطأ جسيم . لكن القضاء على المتطرفين مطلب ضروري ) ولم يغفل الإشارة إلى أنه ( يجب أن تكون سلطة فلسطينية ومسار دولة فلسطينية )
وما كان خارج التوقعات ؟
بعد موقف بايدن والتهيب أمام قدرة حماس في غزة . يعلن بنيامين نتنياهو ويوأف غالانت أن ( حرب غزة ستكون طويلة ومختلفة لأن العدو مختلف ) لا عملية حاسمة ولا ضربة قاضية . حرب برية بالتقسيط على مدى أشهر .
وليس من السهل على إسرائيل إبقاء الإحتياط في الخدمة أشهرا لأن ذلك يوقف كل شيء في الدولة العبرية من أجل حرب برية يتهيب العسكر خوضها .
وفي المقابل فإن من الصعب على إيران وحلفائها ولو انخرطت هي مباشرة إدارة المواجهة مع إسرائيل بسيناريو حرب حاسمة وضربة سريعة قاضية . وإذا كانت تل أبيب تدعي أنها تخوض حرب وجود فإن طهران تواجه ما تسميه سيناريو ( تقطيع أذرعها ) في المنطقة .
اليوم ( حماس والجهاد الإسلامي ) وغداً ( حزب الله ) وبعد غد الفصائل المرتبطة بها في سوريا والعراق . وهي توحي أنها مستعدة لإستخدام كل الأسلحة والأوراق لحماية حماس . ومنع أي تحرك ضد بقية ( الأذرع ) لكن لماذا ؟ لأن هذا دفاع عن المشروع الإيراني الإقليمي الذي استثمرت طهران فيه كثيراً من الموارد والجهود .
ومن هنا تصميم الجمهورية الإسلامية على أن تكون حرب غزة بعد ( طوفان الأقصى ) سواء بقيت الحرب محصورة في القطاع أم تحولت إلى حرب إقليمية فرصة أمام ( محور المقاومة ) لتسجيل ( نصر ) في مسار يغير الشرق الأوسط . مسار معاكس لما تصوره نتنياهو عن ( تغيير الشرق الأوسط ) من غزة .
ومن هنا الأندفاع الأميركي في دعم إسرائيل ثم الأخذ بيدها بعد الحرب إلى حكومة مختلفة تعيد الإعتبار إلى التفاوض مع السلطة الفلسطينية على ( حل الدولتين ). وبالطبع فإن ( محور المقاومة ) يقاتل .
لا فقط ضد هذا المسار . بل أيضاً ضد ما يرى أنه مشروع أميركي لشرق أوسط تحاصر فيه إيران بعد إسقاط مشروعها الإقليمي وقطع أذرعها لتبقى ( دولة عادية ) لا ثورة ولا قضية .
والمفارقة مذهلة بين طموح إيران الكبير ومفاخرتها بالإقتدار وبين هاجس الخوف من إسقاط النظام والمعادلة دقيقة /
لا شيء يقوي النظام الإيراني أكثر من العداء لأميركا والذي هو من ( أسس الثورة ) كما قال الإمام الخميني رحمه الله .
ولا شيء يقلق النظام أكثر من العقوبات الأميركية وصعوبة التوصل إلى تفاهم مع واشنطن على طريقة الأتفاق النووي أيام أوباما الذي خرج منه ترمب . .
والمخيف أن الجانب المهمل في الصراعات /
هو عذابات الناس العاديين المحرومين من الماء والغذاء والدواء والكهرباء والمهددين بالخيار بين الموت والتهجير . .