كتبت : وصال الشمري
عندما قررت بريطانيا التي كانت في أوج قوتها العسكرية في ذلك الوقت اعلان الحرب على الصين في ١٨٤٢ بعدما تصدت الصين لتجارة الافيون التي كان يمارسها التجار الإنكليز بشكل غير رسمي بين الهند والصين من خلال (شركة الهند الشرقية) المملوكة لبريطانيا والتي كانت تحتكر التجارة مع الصين ومع تنامي تجارة الافيون في عشرينيات القرن الثامن عشر كان التصدي من قبل الصين دافع لبريطانيا لاندلاع الحرب بسبب الأرباح التي كانت تجنيها من تجارة الافيون في الصين...
ومع تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في الصين من جراء تعاطي الافيون بين أفراد الشعب،احرقت الحكومة الصينية ١٩٣٩ مخزنا ضخما من الافيون كان التجار الإنكليز يخزنون بضاعتهم فيه، وحصل نزاع مسلح بين البلدين وساهمت التكنولوجيا العسكرية الأوربية الحديثة بانتصار بريطانيا في الحرب والحصول على تنازلات واتفاقات اقتصادية وإقليمية.
فاعلان الحرب على الصين لفتح الابواب من جديد أمام تجارة الافيون وبحثوا البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب فاستخدموا مبدأ ( تطبيق مبدأ حرية التجارة ) والذي جعل بريطانيا تخرج منتصرة على منافسيها من الدول البحرية في حرب نابليون وقامت الثورة الصناعية فيها ، واصبحت الدولة الرأسمالية الأقوى في العالم ،فلجات إلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعتها ،وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم على مبدئين هما ،حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة ،وكانت بريطانيا قد ارسلت في ١٨٤٠ سفنها وجنودها إلى الصين لاجبارها على فتح أبوابها للتجارة لكن دون جدوى ،
وفيما كانت الصين تعاني من ويلات الحرب الاولى اضطرت لمواجهة أوروبا بتعاون بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة مرة ثانية ، وذلك لتجعل الأخيرة تجارة الافيون مشروعة ( وكانت هذه التجارة قد ظلت قائمة بين الحربين رغم ماصدر من الأوامر بتحريمها) وكذلك لما تسببت من أضرار مادية واجتماعية واقتصادية في الصين ولازاحة الصورة عن المشهد السياسي المعقد آنذاك....
ومن شروطها السماح بالدخول إلى مدن لم يسمح بدخولها من قبل وان يستقبل الرسل الغربيون بمايليق بهم في بلاط بكين ، فلما رفض الصينيون هذه المطالب استولى البريطانيون والفرنسيون على بعض المدن الصينية وارسلوا حاكمها مقيد بالاغلال إلى الصين واقتحموا مدن أخرى وزحفوا للعاصمة ودمروا القصر انتقاما لتعذيب حلفائهم
ومن نتائجها (الحرب ) قام الغزاة المنتصرون على المهزومين بمعاهدة حصلوا بموجبها على استقبال الوزراء الأمريكيين ووضع الضمانات القوية لسلامة المبشرين والتجار الاجانب والسماح لهم بممارسة نشاطهم وأخرجت البعثات التبشيرية من اختصاص المحاكم والموظفين وزادت في امتيازات الأمم الغربية وتحريرهم من الخضوع لقوانين البلاد واعطت بريطانيا قطعة من الأرض مقابل (لنج كنج) وجعلت استيراد الافيون عملا مشروعا وفرضت على الصين غرامة ضريبية لينفق منها على إخضاعها للسلطات الغربية وتدريبها أساليبهم.وشجعت الأمم الأوروبية انتصاراتها السهلة ،فاخذت تقتطع بالصين قطعة قطعة ،فاستولت روسيا على الأراضي التي تقع في شمال نهر آمور وشرق نهر الاوسوري ...
وانتقم الفرنسيون لموت أحد المبشرين بالاستيلاء على الهند الصينية، وانقضت اليابان على جارتها مصدر حضارتها وأثارت حربا فجائية وهزمتها واستولت على فورموزا وحررت كوريا من الصين لتستولي عليها فيما بعد وفرضت على الصين غرامة حربية ومنعت روسيا اليابان أن تستولي على شبه جزيرة ليانتج على أن تؤدي الصين الى اليابان غرامة إضافية ،فلما انقضت ثلاث سنين من ذلك الوقت استولت روسيا نفسها على شبه الجزيرة وقامت فيها حصون منيعة وكان مقتل اثنين من المبشرين على يد الصينين سببا في استيلاء المانيا على شبه جزيرة ليانتج ،ثم قسمت الدولة الصينية التي كانت تحكمها من قبل حكومة قوية إلى مناطق نفوذ تستمتع فيها هذه الدولة الأوروبية بامتيازات التعدين أو التجارة، وخشيت اليابان أن تقسم الصين تقسيما حقيقيا بين الدول الغربية، وادركت شدة احتياجها للصين فانضمت إلى امريكا وطالبت الدولتين بسياسة (الباب المفتوح) اي أن يحق لجميع الدول الاتجار مع الصين في مناطق النفوذ ، وارادت الولايات المتحدة أن تضع نفسها في مركز يمكنها أن تساوم على هذه المسائل، فوضعت يدها على جزر الفلبين واعلنت بعملها هذا عن عزمها على أن تشترك في النزاع العائم من أجل الاتجار مع الصين.