31 Aug
31Aug

 
١- (حياة الماعز) فيلم هندي من انتاج شركات (هندية-أمريكية)..وهو مقتبس من رواية الكاتب بنيامين (أيام الماعز) …تحكي قصة شاب هندي (نجيب)يبيع منزله ليشتري سمة دخول وتذكرة سفر الى المملكة العربية السعودية بعد ان أتم اجراءات حصوله على فرصة عمل هناك عبر كفيل (مواطن سعودي)..وبعد ان يودع زوجته ويصل الى مطار الرياض يصطدم من لحظة نزوله في المطار  بحاجز اللغة ..و(الكفيل الوهمي) الذي يصطحبه الى الصحراء في ليل بهيم ليبيت ليلته الاولى في حضيرة الماعز ..برائحتها الكريهة وظلامها الدامس على فراش الرمل الوفير …لتبدأ قصة صراع (الشاب الطامح) بقسوة التعامل ومرارة الحياة مع شخص (لئيم -قاسي-نتن-لم يمس جسده الماء من سنين) …لتدفن أحلامه برمال القهر والسخرة …ثم الهروب للخلاص من أربع سنين من (الرق والاستعباد)..


٢- صناعة الفيلم من حيث الاخراج والتمثيل والاضاءة والانوار الكاشفة والتقطيع الموسيقي ..تمت باحترافية عالية ساهمت في الترويج له والاعجاب به وكذلك في سرعة انتشاره ..وتمت الدبلجة بأكثر من لغة …ومنها العربية التي نبهت المشاهد العربي الى ماأراد الفيلم في رسالته ..استغرق تصوير الفيلم حوالي خمس سنوات …وتم تصوير أحداثه في (الاردن والجزائر والامارات والهند) ..


٣- يبدأ الفيلم بإعلان يقول(ان هذا الفيلم  لايمثل اساءة الى دولة أو عرق أو دين أو مجتمع )…وكأن المشرفين على الفيلم يعلمون ان ضجة كبيرة سيحدثها هذا العمل الفني (الهوليوودي) …وهي تنتظر المزيد من ارتداداته …


٤- شارك في الفيلم مجموعة من الممثلين الهنود والاميركان والعرب ..من الاردن وسلطنة عمان…وكان الفنان العماني طالب البلوشي الذي مثل دور البطولة (الكفيل) قال…كل ماورد في الفيلم صحيح .. ولم أوافق عليه الا بعد ان تحققتُ من القصة شخصيا. ..ولم أندم على المشاركة في الفيلم ..وهدف الفيلم اصلاح المجتمع السعودي والخليجي بصورة عامة …ومن عنوان الفيلم (حياة الماعز) الذي يحمل ترميزاً عالياً يثير المزيد من الانتباه ورغبة المتابعة لتفاصيله وهو يخوض في عالم انساني رقيق … 


٥- السعودية ترى في الفيلم تجنياً على المملكة والمواطن السعودي وغير حقيقي في تناول حياة العمال الوافدين …وهو يتناسى ان السعودية اليوم بلد كبير يشهد ثورة في عالم الابداع والفن والصناعة والادارة وحقوق الانسان…وقد غادرت عالم (أوراق الكفيل) ..وجددت الكثير من التزامات العمل لتضمن حقوق الوافدين الذين يحلمون في العمل فيها.…وترى الاوساط السعودية بالفيلم (مؤامرة)عليها..و(قصف) على مسيرتها الجديدة تشترك بهذا القصف دولة عربية واحدة أو أكثر ..لتظهر السعودي(بخيلا-لئيماً-سارقاً لحقوق الاخرين )..


٦- السعودية التي صرفت أمولاً كثيرة على المعارض والمهرجانات والمدن السياحية والحفلات لتقدم للعالم صورة جديدة عنها ..خصوصاً وانها تتجه الى موسم رياضي عالمي (كأس العالم عام ٢٠٣٤ …وكذلك المعرض العالمي إكسبو ٢٠٣٠ …رأت في الفيلم محاولة لاجهاض هذه المشاريع ومحاولة لتعطيلها او الضغط عليها ..ربما حسداً أو حنقاً أو لحاجة في (نفوس أولاد يعقوب) …لتكريس عقدة (البداوة والخشونة)في أذهان الشعوب…


٧- تضغط السعودية بقوة وبكل الوسائل لحذف الفيلم من على منصة(#نيتفلكس)…وقامت بحملات (رشق ألكتروني) لتخفيض تقييم الفيلم الذي وصل الى ٨ من ١٠…واعتبرته محاولة (تمس السلم المجتمعي) والعلاقة بين المواطنين والوافدين والذي يبلغ تعدادهم حوالي ١٣ مليون من الهنود بالاضافة الى غيرهم من رعايا الدول الاخرى …ويشكل الوافدون الان في السعودية حوالي٤٢٪؜ من سكان المملكة.. ولايمكن الاستغناء عن خدماتهم في مختلف المجالات ..


٨- تركي الشيخ مسؤول هيئة الترفيه في السعودية كان قد تحدث عن رغبته في انتاج فيلم أبطاله مصريون …وتدور قصته حول نصاب مصري (أحمد حلمي) يمارس النصب والاحتيال على الحجاج المصريين القادمين للملكة ..ربما رسالة (رملية) على موسم الحج الماضي الذي شهد (موت مجاني)  ضرب الحجاج المصريين على الشوارع والطرقات والصحارى…الذين دخلوا المملكة من البحر بصورة غير رسمية أو (تهريب) يضيع في زحمة موسم الحج الكبير .. فأعتبر المصريون فيلم (حياة الماعز) (حوبة) عن ماأراد فعله تركي الشيخ بسمعة (المصري )البسيط ..


٩- يرى البعض ان السينما مازالت مؤثرة في عالم اليوم …وتسوق فيلم حياة الماعز مثالا على ذلك …ولابد من عبور (السلبية)في حياتنا اليومية التي يعبر البعض عنها ب( نحن نشاهد فقط…نحن نستورد فقط…نحن نشتكي فقط)  ولابد من تأسيس (سينما مضادة) تتصدى لقضايا العرب والمسلمين ..وبنكهة الاجيال الجديدة ..في عوالم الابداع 


١٠- المتابع السياسي لارتدادات الفيلم وانعكاسات ردود الفعل عليه ..لاحظ انقسام في تقييم الفيلم واحداثه…فمنهم من وقف مع السعودية في رفضها للفيلم ورسالته المتحيزة…ومنهم من شجع على كشف المستور عن كل ممارسة ظالمة ودفع باتجاه المزيد منها…ومنهم من رأى اننا لسنا (مجتمع ملائكة )…ومن الخطيئة حساب أخطاء الافراد على حساب المجتمعات …وللانصاف القول ان (الفيفا ) انهالت عليها هجمات النقد اللاذع بعد ان أعطت السعودية حق تنظيم المونديال العالمي لكرة القدم …وراحت تسهب في الحديث عن حقوق العمال ونقلت الهجوم مَن قطر الى السعودية في حملات (غير بريئة) النوايا والمقاصد…


١١- حياة الماعز ليس كبقية الافلام …لقد حرك الكثير من الراكد من الاهتمام في حياة الشعوب وحقوقها… 

ونبه الى ان السياسة حاضرة في حقول(الفن والرياضة والاداب)..ولابد من الانسجام معها ومواكبتها في كل مكان …

فهي لم تعد ترفاً أو مهمة نخبوية  ولا جمعية خيرية صديقة للمحرومين …وانما دخلت على خط (الجو العام) لتستحوذ عليه..او لتفسده..او لتزييفه ..

أو لتسرقه من أصابع الفقراء …بسحر الصورة الملونة التي تخدع العيون في سهرات (صيادي الليل)…بعد أن يدب النعاس بأرجلهم الذابلة من المشي فوق الرمال التي ترهق الاقدام الهاربة بلا دليل…الا بقايا أمل…ترسله النجوم …


عباس الجبوري مجلس النواب العراقي

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن