كتب : حسين العادلي
• لا دولة في ظل سيادة نموذج (دولة الإقطاع السياسي)، سواء كان المالك لهذه الإقطاعية حزب شمولي أو أحزاب مجتمعية إثنية طائفية. وما لم تتحرر الدولة من عقلية وثقافة ومنهج الإقطاعيات في بنائها وإدارتها، فلا يمكن لها أن تكون دولة تمثل أمّتها الوطنية وتتكامل بأنظمتها السياسية والإجتماعية والاقتصادية والسيادية.
•الإقطاع السياسي في (الأنظمة الشمولية والدكتاتورية)، هو: قوة التحكم المركزي الحزبي/النخبوي/الفردي، بثلاثي:
- الإرادة العامة لأمة الدولة.
- سلطة الحكم لنظام الدولة.
- ثروة الدولة.
إستناداً إلى (غلبة القوة)، وإلى (الشرعية الزائفة/غير الديمقراطية)، لهدف (امتلاك) الدولة واحتكارها بالكامل كإقطاعية سياسية خاصة وخالصة للسلطة الحاكمة، (كما في نظام/إقطاعية البعث/صدام في العراق قبل 2003م).
•الإقطاع السياسي في (أنظمة التوافق المكوّناتية)، هو: قوة الهيمنة النخبوية الحزبية لتقاسم الدولة كإقطاعيات نفوذ على وفق أسس (المكوّنات/الشراكة/المحاصصة).
ويقوم هذا الإقطاع على فكرتي (الإحتكار والتبعية)، إحتكار تمثيل مكوّنات/مجتمعيات الدولة (العرقية الطائفية) من قبل قوى سياسية تطرح نفسها (كممثل) عن هويات ومصالح هذه المجتمعيات، لينتج عن مبدأ الإحتكار هذا، (مبدأ التبعية)، فتوهم هذه القوى السياسية مجتمعيات الدولة بوحدة وجودها وهويتها ومصالحها، فتطلب التبعية لرؤاها وسياساتها بالتبع باعتبارها المعبّر والمدافع والمحقق لهوية ومصالح المجتمعيات الفرعية بالدولة. (كما في العراق بعد 2003م)،
•يستفيد (الإقطاع المكوّناتي الحزبي) من (مبدأ الدمج) بين ما هو (سياسي ومجتمعي وتمثيلي)، فهو حين يطرح نفسه (ممثلاً للمكوّن الإجتماعي) في التعبير عن هويته ومصالحه فإنه سيكون هو المستفيد من (نظام التمثيل) في الدولة التوافقية القائمة على فكرة (تمثيل المكوّنات)، وسيتمكن من خلال (نظام الدمج) هذا من (امتلاك السلطة والثروة وتأسيس إقطاعيته من خلال نظام المحاصصة الكلي للدولة).
•يُنتج الإقطاع السياسي المكوّناتي سلسلة من الإبتلاعات للدولة إلى أن يصبح هو الدولة، فهو يؤدي (أولاً) إلى ابتلاع السلطات الفرعية لسلطة الدولة الرئيسة، فالدولة لديه سلطات تتوزعها إقطاعيات سياسية تمثل مصالح حصرية لمجتمعيات (عرقية طائفية) ضمن الدولة. وهو (ثانياً) يؤدي للابتلاع (أمة الدولة) إذ يصيّرها إلى (محميات مجتمعية) منقسمة على نفسها بالهوية والمصلحة، وهو (ثالثاً) يؤدي إلى ابتلاع تمثيل الطوائف والإثنيات من قبل قوى الإقطاعيات السياسية من خلال اختزال الطائفة والإثنية بشخص أو حزب كممثل لهوية ومصالح المجموعات الإثنية الطائفية،.. فتتعاظم (من خلال هذه الإبتلاعات) الإقطاعيات الحزبية والنخبوية وتتراكم وتتراص لتشكّل امبراطوريات سياسية ومالية ونفوذية ممتدة ومستوطنة بجسد الدولة.
•الإقطاع السياسي العرقطائفي المكوّناتي (يشتغل) سياسياً مجتمعياً على (التضاد) وليس على (التكامل)، فكل اقطاعية تسعى الى (خلق أنساق تضاد) بينها وبين الإقطاعيات الأخرى لضمان بقاء نفوذها القائم على فكرتي: (احتكار التمثيل) و(ضمان التبعية) للطوائف والأعراق لها، و(حلول وتحكيم) مبادىء (المواطنة والأمّة والوحدة) بين مواطني الدولة يضعف ويصادر دور الإقطاعيات التي تعتاش على (حصاد تمثيل المكونات). لذلك فإنّ النظام المكوّناتي هو نظام الإقطاعات السياسية المتضادة والحريصة على التضاد لضمان مصالحها.
•الإقطاع العرقطائفي المكوّناتي (عائق) لجوهر مواطنية المواطن، و(حاجز) أمام تفعيل حقوقه في التمثيل والمشاركة والثروة وإدارة الشأن العام، وهو (يقزّم) المواطن الى فرد ضمن إقطاعيات المكوّنات، فيستشعر هويته الفرعية على حساب كونه (وحدة سياسية تامة في الدولة)، فيحيله من مواطن دولة الى فرد طائفة وإثنية موهوم ومتوهم بنظام الحماية والمصالح التي تأمّنها الإقطاعيات السياسية، وبالنتيجة (يحسره عن تفعيل) كامل مواطنيته بالدولة. إنّ ضعف الإنتماء والولاء والمشاركة الوطنية ناتج طبيعي عن (هيمنة الإقطاعيات السياسية المكوّناتية) على الضمير والدور والفاعلية للمواطنين.
•المواطنة كانتماء عضوي، والمواطنية كولاء وفاعلية، والديمقراطية كنظام مشاركة، والحقوق والحريات كأساس، والتعايش كمشترك ضامن للقبول باستحقاق تنوع الهويات، ووحدة السلطات وسيادتها الوطنية، والتنمية الشاملة.. لهي المعايير المنتجة لدولة المواطن على حساب دولة المكوّن، ولدولة الجمهور على حساب دولة الإقطاع، ولدولة الأمّة على حساب دولة الحزب والرمز،.. وهو ما ينبغي العمل له لدولة العراق إذا ما أُريد لهذه الدولة مغادرة أزماتها المزمنة.