كتب : فراس الحمداني
سادخل بالموضوع مباشرة لانه لا يتحمل اي مقدمات واي تمهيدات ..
حقيقة استفزني مؤخرا" اعلان ظهر امامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن الواضح انه وصل الي وللكثيرين مثلي عبر ( الترويج ) له بتكلفة كبيرة وفق اسعار الترويج المتعارف عليها بالبطاقات الالكترونية الخاصة.. الاعلان يدعو الى ( تشييخ ) اي شخص بصفة عشائرية مرموقة بالمجتمع مقابل مبلغ يقارب الخمسين الف دينار فقط.. بخمسين الف دينار تصبح شيخ حتى وان كنت بلا عشيرة لان الاعلان يقول ( كل ما عليك هو مراسلة صفحتنا ) ويبدو ان صفحتهم لها القدرة على التشييخ بغض النظر عن شروط ( الشيخة و المشيخة ) وربما تحاول تلك الصفحات ان تناور بطريقة لا تنطلي على اصحاب العقول الراجحة حيث تعتمد طريقة _ بيع _ باجات وهويات ( الشيخة و المشيخة ) وهي تحمل عنوان عريض مفاده ( الشيوخ والوجهاء) ثم يخير المشتري بين اختيار صفات عشائرية تتنوع بين مستشار او محكم او علاقات عامة او حلال مشاكل ونزاعات .. و و و .. وكل هذه الصفات تكون تحت العنوان الاكبر و(الاعرض) في الباج او الهوية وهو عنوان الشيوخ والوجهاء الذي يجاوره شعار جمهورية العراق وكل ما عليك فقط (مراسلة الصفحة) وارسال اسمك وصورتك وما تريده ان يكتب بالباج وبعدها يصلك _ دليفري _ بالتوصيل السريع لتدفع ثمن الباج عبر من يوصله اليك من عمال وموظفي شركات التوصيل .
الموضوع مستفز جدا" فبعد ان عملت دكاكين الدخلاء على الصحافة على بيع الهويات الصحفية لنصف شباب البلد بلا حسيب او رقيب ودون اي ضوابط سوى قاسم مشترك واحد وهو عبارة ( كل ما عليك هو مراسلة الصفحة ) فصارت تلك الهويات بمتناول الجميع وقد تصل ( دليفري) لأيادي الراقصات والمجرمين وحتى والارهابيين.. ها قد عادت تلك الدكاكين بصورة اخرى تتمثل بتشييخ الدخلاء على المشيخة.
وليس الأمس ببعيد عن ذاكرة اغلب العراقيين حين طرأت على المجتمع ظاهرة شيوخ التسعين في عهد النظام السابق ..
حيث تذكر المصادر انه في عام 1991 بدأت الحكومة العراقية بالاهتمام بالدور العشائري وبدأ حكومة النظام السابق باستقبال شيوخ العشائر وتم تشكيل مكتب خاص لشؤون العشائر مرتبط برئاسة الدولة . وفي تلك الفترة بدأ ظهور طبقة جديدة من شيوخ العشائر، بحيث أصبحت العشيرة الواحدة تضم عدداً من الشيوخ، وبدأت الهدايا (الرئاسية) تقدم في المناسبات إلى الشيوخ، والتي أطلق عليهم (شيوخ التسعين) ويقصد بهم الذين ظهروا في فترة التسعينات، والقسم منهم يعمل في التجارة أو المقاولات، وتم استغلال علاقاته ونفوذه من أجل حصوله على (لقب شيخ) والتي كانت من بين هدايا صدام حسين (العباءة) لقسم من هؤلاء الشيوخ مع المكافأة المادية في المناسبات الوطنية ..
وها هو التاريخ يعيد نفسه بصور مختلفة.
والان وبعد كل ما تقدم لا يسعني الا ان ادعو الجهات المعنية للحد من الظواهر الاستغلالية الاي تعصف بالمجتمع وتشرعن للسيء والاسوء وأذكر بمقالي السابق الموسوم بعنوان ( مسكين يا شعار جمهورية العراق ) .. وما خفي كان اعظم.