في مقال سابق نشر في جريدة المواطن الغراء كنا قد حذرنا فيه ان العراق ربما يعود الى المربع الأول وإن التظاهرات ستعود الى نهر الشارع في حال اصرار بعض الكتل السياسة من ادارة الدولة على تعديل قانون الانتخابات لكن اصرارها بدى واضحًا على التعديل من خلال تصويت مجلس النواب في جلسة ليلية استمرت حتى الساعة الثالثة فجرًا على التصويت على خمسة عشر فقرة من مسودة مشروع قانون الانتخابات وفق صيغة سانت ليغو المعدلة 1.7والذي تم اقتراحه من قبل اتلاف ادارة الدولة الحاكم الامر الذي اثار غضب الشارع العراقي وخروج آلاف المتظاهرون في تظاهرة ليلية كبيرة خرجت الساعة الثانية فجرًا من ليلة الثالت من رمضان الجاري
وقبل ذلك بيومين كانت هناك دعوة من قبل السيد مقتدى الصدر لقيادة التيار الصدري من الصف الاول بعدم السفر خارج العراق والاستعداد التام لكل الاحتمالات وهذا يدل على ان محاولات اصدار الكتل السياسية من اتلاف ادارة الدولة بصيغته المرفوضة من قبل المرجعية الرشيدة والشارع العراقي الذي خرج بتظاهرات عام 2019 والتي كان ثمنها سقوط اكثر من 80 متظاهرًا واصابة اكثر من ثلاثين الفا اخرين
هذا الاصرار ادى الى اختلافات داخل كتل مجلس النواب خصوصًا مع المستقلين الذين اعترضوا عليه مع الكتل الصغيرة بشكل خاص كونه معد خصيصًا لانهاء تمثيل هذه الكتل داخل قبة البرلمان وانهاء الحياة السياسية لها بشكل تام من خلال تشكيل جبهة معارضة قوية ضمت 73 نائبا طالبوا بسحب مسودة مشروع قانون التعديل الثالث من ادراج مجلس النواب مع دعوة جماهيرها للخروج بتظاهرات لتأجيج وتأزيم الشارع لمنع تشريعه مثل هكذا تعديل
سواء في بغداد او بقية المحافظات وهذا ما حصل فعلا
ان قانون سانت ليغو والدائرة الانتخابية الواحدة لا يلبيان طموح ورغبات هذه الكتل الصغيرة والناشئة اضافة الى ذلك فهو يخالف توجيهات المرجعية الرشيدة باعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة بدلا من الدائرة الواحدة والقائمة المغلقة كونه اكثر عدالة واكثر انصافا ويسمح بالعمل السياسي لتلك الكتل لتمثيل ناخبيها وعدم اقصائهم بعيدا عن تكريس سياسة لي الاذرع والامر الواقع والتي تريد الكتل الكبيرة فرضه على قانون الانتخابات كامر واقع معتمدة على جماهيرها وقواعدها الشعبية واغلبيتها السياسية وفي ذات الوقت تريد أزاحة الكتل الصغيرة من منافستها تريد من ذلك أيصال رسالة لتلك الاحزاب الصغيرة بان لاوجود لها في العمل السياسي سواء التشريعي او التنفيذي وفرض هيمنتها على السلطتين التشريعية والتنفيذية مستعينة باغلبيتها السياسية لتكريس مبدأ المحاصصة والحصول على المغانم والمناصب والمكاسب واستبعاد الاحزاب الصغيرة والمستقلين بدلًا من المطالبة بفسح المجال امام تلك القوى الناشئة من اخذ دورها في العملية السياسية
أو اقتراح مشروع بديل متمثل بالنظام المختلط والذي يجمع إيجابيات قانون سانت ليغو مع الدوائر المتعددة لفسح المجال لتلك القوى الناشئة لاخذ دورها في العملية السياسة وبدلًا من ذلك نرى ان تلك الكتل الكبيرة لازالت مصرة على تعديل قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات من خلال اصرارها على طرح التعديل الثالث وفق قانون سانت ليغو دون سواه
ان فرض سياسة الأمر الواقع دون الاخذ بمطالبات ومقترحات الكتل الصغيرة هو إجراء غير مدروس ومستعجل قد يؤدي الى تأخير إجراء الانتخابات المقبلة وزج العملية السياسية بمزيد من الصراعات خوفًا من تكرار ماحدث في الانتخابات الاخيرة بصعود نواب لكتل صغيرة وناشئة ومستقلين
دعوة مخلصة بأن لا يكون هناك تريث في الزفت الحاضر في عملية التعديل الثالث لقانون الانتخابات من دون سماع اراء كل الكتل السياسية والمستقلين او الأخذ بمقترح قانون النظام المختلط لتعديل قانون الانتخابات كحل وسط بغية إنجاح عملية الانتخابات دون تعقيد او مزيد من الصراعات والتي يمكن ان تعيد البلد الى المربع الاول وغليان الشارع من خلال تصعيد لهجة قادة المتظاهرين باللجوء الى وسائل اخرى قد تكون دموية وبالتالي ستسفك المزيد من الدماء وتعطيل عجلة الاعمار والخدمات بدلا من تسخير الطاقات الشابة لعملية البناء وتنفيذ المشاريع من قبل الحكومة وتفعيل دور البرلمان بمراقبة اداء الحكومة واستجواب الفاسدين وسارقي المال العام واحالتهم الى المحاكم المختصة وهذا هو الواجب الحقيقي لمجلس النواب