. .
١٢ / ١٠ / ٢٠٢٣
فارس الطالب ✍️
الدروس المستقاة من حرب أوكرانيا أظهرت الطرق المختلفة لأستخدام الطائرات المسيرة في توجيه ضربات دقيقة بقنابل صغيرة استخدمها مقاتلو حماس لضرب أبراج الإتصال . مما أدى لتعطيل منظومة القيادة والسيطرة الإسرائيلية . فلم تعد المعسكرات الإسرائيلية الصغيرة المنتشرة في محيط قطاع غزة قادرة على التواصل فيما بينها أو مع القيادة الجنوبية أو المركزية. وبقيت القيادة الإسرائيلية غير مدركة لما يجري في غلاف غزة لأكثر من ساعتين. وبالتالي لم تحصل الوحدات العسكرية الإسرائيلية هناك على أي دعم جوي أو إسناد ناري للدفاع ضد الهجمات المفاجئة لمقاتلي حماس .
طوفان الأقصى / العملية النوعية غير المسبوقة التي نفذها مقاتلو حماس ضد المعسكرات والمستوطنات ال إسرائيلية في غلاف غزة في 7 ( أكتوبر ) الجاري . هي واقعة ستدرس في الكتب العسكرية وستشكل منعطفاً تأريخياً سيرسم معالم المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط . فلقد أظهرت نضوج مقاتلي حركة حماس من مجموعات ثورية مسلحة إلى جيش تحرير نظامي طبق قواعد الهجوم للقوات المشتركة / برية وجوية / وبحرية . . بشكل منسق مستخدماً تكنولوجيا بسيطة . أنما حديثة. سخرت بفعالية لتأدية المطلوب منها بنجاح مبهر .
كما أن عنصر المفاجأة كان ناجحاً لدرجة أن عدداً كبيراً من الجنود الإسرائيلين في معسكرات غلاف غازة لم تسنح لهم الفرصة لإرتداء ملابسهم . حيث تم أسرهم وهم في الملابس الداخلية. كما أن بعض الدبابات التي كانت مكلفة بتوفير تغطية نارية لم تدر ماذا أصابها حيث دمرت بسرعة كبيرة إما بصواريخ كورنيت المضادة للدروع أو بواسطة قنابل ألقتها الطائرات المسيرة .
لا تزال العديد من التفاصيل غير متوافرة عن أسباب الإخفاق الإستخباراتي الإسرائيلي . وبلا شك ستشكل القيادة الاسرائيلية لجاناً للتحقيق في أسباب الإخفاق الإستخباراتي مما قد يكشف عن الوسائل التي أستخدمتها حماس للحفاظ على سرية التحضير للعملية وتنفيذها .
من الطبيعي أن تكون حماس قامت بالتحضير لسيناريوهات الرد الإنتقامية لإسرائيل ولذلك قامت بأسر العشرات من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين على أمل أن يشكل وجودهم في غزة عائقا أمام حدة التحرك العسكري الاسرائيلي . إلا أن حسب اذاعة الجيش الاسرائيلي فلقد قررت الحكومة الإسرائيلية المضي بالهجوم العسكري الشرس دون أي اعتبار لوجود الأسرى الإسرائيليين . مما قد يؤثر سلباً على حسابات حماس .
ويتوقع أن تعمد اسرائيل للسيطرة على طول خط الحدود الفاصل بين القطاع ومصر للتأكد من إغلاق أي منافذ أو أنفاق يتم تهريب السلاح والإمدادات عبرها لداخل غزة . كما ستعمد القوات الإسرائيلية للتقدم على طول خط ساحل غزة حتى الحدود المصرية لمنع تهريب أي شيء بحراً .
ومن المرجح أن تشق الدبابات الإسرائيلية طريقها وسط غزة لتجزئة القطاع الى قسمين أو ثلاثة أقسام لتسهل عليها عملية تطهير كل جزء على حدة .
طبعا ستشهد شوارع غزة معارك شرسة بين القوات الخاصة والمشاة الإسرائيلية ومقاتلي حماس الذين سينصبون الكمائن ويشنون الهجمات المضادة . مما سيؤدي الى وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الإسرائيليين . وهنا سيكون الإمتحان الحقيقي لقدرة إسرائيل على تحمل الخسائر إلى أن تنجز المهمة الموكلة لقواتها . وبدأت القوات الأمريكية بتنفيذ جسر جوي لتزويد القوات الإسرائيلية بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة لتعويض ما ستستنزفه حرب غزة من مخزونها العسكري . كما ستستخدم الأموال لاعادة بناء ما تدمره ضربات حماس الصاروخية بالإضافة إلى شراء الأسلحة .
ما شهدته إسرائيل جنوباً كان عينة عما يمكن أن تواجهه على الجبهة الشمالية انما بشكل مضاعف بسبب قوة حزب الله هناك وامتداد الجبهة الى داخل جنوب سوريا حيث تتواجد فصائل أخرى تابعة للحرس الثوري الإيراني . ولذلك عمدت إسرائيل إلى أخلاء المستعمرات المحاذية لحدودها مع لبنان وقامت بنشر أكثر من مئة ألف جندي من الإحتياط تحسباً لأي طارئ .
كما قامت الولايات المتحدة بارسال للسواحل الاسرائيلية أكبر حاملات طائراتها جيرالد فورد . مع مجموعة ضاربة تضم مدمرات وبوارج مسلحة بصواريخ جوالة ومنظومات أيجس المضادة للصواريخ الباليستية . وستوفر هذه القوة عند الحاجة أسنادا جويا وتساعد في الدفاع ضد أي هجمات بالصواريخ الباليستية في حال فتحت الجبهة الشمالية أو دخلت إيران على خط المواجهة بشكل مباشر .
كما نشرت أمريكا 20 مقاتلة اضافية طراز / f _ 15 و 35 _ f في قواعدها في الشرق الأوسط لزيادة قدراتها الجوية .
السؤال الذي يطرح نفسه هو ؟
هل ستسمح إيران بهزيمة حماس في غزة ؟
أم توعز لحزب الله والمجموعات المسلحة في سوريا والعراق للتدخل عبر الجبهة الشمالية لانقاذها من أجل الحفاظ على وجود المقاومة الفلسطينية المسلحة التي تشكل أحد الأركان العقائدية للثورة الإسلامية الإيرانية ؟
حتى الآن حزب الله يتصرف على أنه لا ينوي فتح الجبهة الشمالية رغم بعض المناوشات اليومية على الحدود مع إسرائيل .
لكن هذا قد يتغير ان كانت حساباته وطهران لا تتحمل خروج المقاومة الإسلامية الفلسطينية / حماس والجهاد الإسلامي . . من المعادلة داخل الأراضي المحتلة .
فالراهانات كبيرة اليوم على نتائج الحرب في غزة .
فاذا ما تمكنت حركة حماس من الصمود وفشلت إسرائيل من أنهاء وجودها العسكري . فالحركة ستعتبر منتصرة وستحظى بالدعم الشعبي الذي سيجعلها تحل مكان فتح والسلطة الفلسطينية كالممثل الشرعي للشعب الفلسطيني . وهذا سيعزز من مكانة حليف حماس الأقليمي .
إيران التي ستسيطر على ملف القضية الفلسطينية وتنهي مفاعيل عمليات التطبيع القائمة بين إسرائيل وبعض الدول العربية . أنتهى . .