قراءة في كتاب ( الالحاد وفسخ الزواج) للقاضي الاستاذ قيس الحسناوي

 يعاني العالم المعاصر من العديد من المشكلات فبالرغم من التقدم العلمي والمادي الهائل الذي تعيش فيه وعظم الخيرات التي قدمها للإنسان ورفاهيته الا اننا نعيش في ظل مشاكل رهيبة تولد بعضها في وجود بعضها الاخر ومنها القلق النفسي والاضطراب وانتشار الجريمة وانعدام الاخلاق والفردية والانانية والظلم بكافة صوره ومعانيه والانحلال والفساد والفضائح السياسية والمالية والتي لا يكاد بلد حول العالم يخلو منها ، حيث لم يستطع تقدم الانسان المادي القضاء عليها او التخفيف منها على العكس نجد انه كلما ارتقت حياة الانسان المادية كلما ظهرت وانتشرت هذه المشكلات ، وعلى الرغم من كثرة تلك المشكلات وتعددها فان أعظم تلك المشكلات وأكثرها تأثيرا وما يمكن ان نعده السبب الرئيسي لجميع تلك المشاكل هي مشكلة الالحاد والتي سمكن ان نعدها مشكلة العصر وأحدى مظاهره.

جعل الاسلام دعوته تبدأ من توحيد الله سبحانه وتعالى والايمان به والاقرار بأنه آله الكون وخالف الوجود وجعل الهدف الاول والاخير لجميع الرسالات السماوية أقرار هذه القضية العظيمة لقوله تعالى: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله وأجتنبوا الطاغوت ) وعلى الرغم من كون العالم الاسلامي مازال متمسكا بالإسلام ويقر بالتوحيد الا ان موجة الالحاد العارمة باتت تطغى عليه من كل جانب تشكك أبنائه بدينهم وعقيدتهم ،  وهو ما كان الدافع لبحث تلك القضية المهمة من قبل السيد المؤلف ولطبيعة مهامه العملية التي تجعله في تماس مباشر مع هذه المشكلة مع ما يعرض عليه من دعاوى من قبل الازواج كل على انفراد يطلب فيها الحكم بفسخ الزواج بسبب ردة والحاد الزوج الاخر ، حيث عمد بخبرته العملية الى تناول الموضوع من خلال تقسيمه الى فصول ثلاث، خصص الاول منها الى تناول ( ماهية الالحاد وأسبابه وانواعه وطرق علاجه ) والذي عمد الى تقسيمه الى مباحث عدة لتناول تلك الحيثيات بكافة تفاصيلها وجزئياتها، ليكون الفصل الثاني والمعنون (ماهية الردة وأنواعها وأحكامها) والذي تم تخصيصه لبيان ماهية الردة لغة وأصطلاحا مع تفسير آيات الردة وانواعها وشروطها وأحكام المرتد والتي تم تناولها عبر مبحثين ، في حين خلص السيد المؤلف في فصله الثالث والمعنون ( فسخ عقد الزواج بسبب الردة ) الى تناول الفسخ بسبب الردة وأجراءات ذلك الفسخ مع تناوله للآراء القانونية والقضائية ذات الصلة على الصعيد الوطني والعربي خاتما مؤلفه بمبحث خصص لعلاج الالحاد مع بيان أهم الطرق التي تؤدي الى الخلاص من ظاهرة الشك بالأيمان.

موضوع من الاهمية ما يجعل التصدي له عبر الاقناع ودحض الباطل والرد على شبهات الملحدين مع وضع خطوطا عريضة لعلاج تلك الظاهرة ، وقد كان السيد المؤلف موفقا في عرضه لموضوع مؤلفه بما يعني القارئ والباحث المهتم في كافة الجوانب الموضوعية والشكلية ذات الصلة معززا ذلك التطبيقات القضائية وهو ما أثرى مؤلفه من جميع جوانبه القانونية والفقهية دون ان يفوته تناول التأصيل التأريخي لتلك المشكلة التي يصح ان نطلق عليها مشكلة العصر الحديث التي باتت تشكل تهديدا للقيم الانسانية والاخلاقية في المجتمع بالشكل الذي يوجب الخروج بحلول وعلاجات واقعية للحد من هذه الظاهرة والتي نجد ان الكتاب موضوع البحث يمثل جهود مباركة للسيد المؤلف واحدى اللبنات المهمة كدراسة تطبيقية وعملية في بحث اسباب الالحاد وأثاره الاجتماعية على واقع مجتمعنا مع تحديد العلاجات اللازمة للحد من أنتشاره والقضاء عليه.