شهدت الايام الماضية والى هذا الوقت اهتماما ملحوظا بكتاب "الحرب" الكاتب الأمريكي بوب وودورد ،حيث تم اقتباس عدة فقرات منه ونشرها على التواصل الاجتماعي، وخاصة ما يتعلق بمعركة طوفان الاقصى في السابع من أكتوبر والموقف من حركة حماس وحزب الله اللبناني عند بعض قادة الدول العربية .ولأجل معرفة مضمون هذا الكتاب والفكرة الرئيسة المحورية ، قمنا بتقديم هذه القراءة التي نرجو ان يتم الاستفادة منها ومعرفة الهدف الاساس في تأليف هذا الكتاب خاصة في ظروف معقدة يشهدها الشرق الاوسط جراء الحرب الصهيونية المدعومة بالكامل من الولايات المتحدة الأمريكية واوربا على فلسطين ولبنان .
د.مصطفى الناجي نوفمبر 2024
الكتاب هو مؤرخ وصحفي استقصائي من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية 1943 . اصدر 22 كتاب اخرها "الخوف" 2018 "الغضب "2020 " الخطر" 2021 واخرها كتاب الحرب 2024. ارتبط اسمه بكشف فضيحة ووترغيت حينما كلف الرئيس ريتشارد نيكسون خمسة اشخاص من مكتبة بنصب اجهزة تسجيل للتجسس على قادة الحزب الديمقراطي في مبنى ووترغيت عام 1972 والتي ادت الى أزمة سياسية اجبرت نيكسون على تقديم استقالته وتمت محاكمته بسبب هذه الفضيحة.
اما الكتاب الذي نحن بصده وعنوانه "الحرب" والمنشور في 15 أكتوبر 2024 فيركز على قضيتين:-
- الحرب الروسية الاوكرانية - الحرب على غزة وجنوب لبنان .ومصادر الكتاب تعتمد بشكل كلي على إجراء المقابلات مع المشراكين والشهود على تلك الاحداث وفقا للقاعدة الصحفية "الخلفية العميقة" على حد قوله .
ورغم ان كتابه السابق "الخطر" المنشور عام 2021 يتضمن 20 مقابلة مع دونالد ترامب،الا ان كتابه الحالي "الحرب" لم يعتمد على الشهود الرئيسيين كدونالد ترامب ومساعده بنس ،وكذلك بايدن ومساعدته هاريس.
عدد صفحات الكتاب 435 صفحة تبدأ بحادثة اقتحام مناصري ترامب لمبنى الكابيتول بعد خسارته الانتخابات لصالح بايدن في يناير 2021 .
ثم يدخل الكتاب الى الحرب الروسية الاوكرانية وكيف امدت الولايات المتحدة اوكرانيا بمليارات الدولارات واطنان من الاسلحة والذخائر لمواجهة روسيا ،وتمسك بايدن الحرفي بعدم زج الجنود الامريكان في هذه الحرب بشكل مباشر خشية الهزيمة كما حصل في حرب فيتنام 1955 – 1975 والتي ادت الى قتل 58,220 جندي أمريكية وجرح 303,644.
وعلى هذا المسار الذي يكشف عن ميول الكتاب لصالح الحزب الديمقراطي الأمريكي ينقل مواقف واحداث تظهر الرئيس الامريكي جو بايدن كحمامة سلام وان اولوياته تجنب الدخول في أي حرب ما دامت الدولارات الأمريكية والذخائر تتكفل بردع الخصوم.
اما عن طوفان الاقصى فبوب وودورد ينقل احداث المعركة بعين واحد لاترى في حركتي حماس وحزب الله سوى منظمات ارهابية مجبولة على قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث واغتصاب النساء .
وان نتنايهو وفريقه وجدوا انفسهم في حالة الدفاع عن النفس تجاه هجمات المليشيات المدعومة من ايران على حد زعمه . ينقل الكتاب صفحات عدة لتغطية مواقف تلك الحرب منها شهادات لزعماء عرب كمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد والسيسي وربط مواقفهم الداعمة للقضاء على حركة حماس وبين السير نحو التطبيع.
وتذبذب مواقفهم الداعمة لحل الدولتين. الاهم في هذا الكتاب ما يتعلق بالرئيس الأمريكي بايدن الذي يزعم الكاتب انه على خلاف مع نتنياهو وان النظام الأمريكي يعطي الاولوية في الحرب للمساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني في غزة.
من جهة اخرى يحاول الكاتب ان يظهر نتنياهو بمظهر الرجل القوي والشجاع الذي واجهة سبعة جبهات مدعومة من ايران . وان الولايات المتحدة الأمريكية رغم التزامها الكامل بالدفاع عن الكيان الا انها وبذات الوقت لم تلطخ ايديها بدماء الضحايا في فلسطين ولبنان .
وان الادارة الأمريكية اعترضت على سلسلة الاغتيالات التي نفذتها حكومة نتنياهو ضد اسماعيل هنية وفؤاد شكر وغيرهم .
وان جميع تلك الاغتيالات طريقة ادارة الحرب في غزة واقتحام خان يونس واستخدام التجويع والعطش كسلاح في المعركة تمت بقرار اسرائيلي منفرد دون التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا هو المحور الاساس في منهجية الكتاب والتي يحاول المؤلف اثباتها بشتى الطرق والوسائل ، ولكن في الحقيقة ان الواقع ينسف كل الادعاءات التي سطرها بوب وودورد واثبتت الاحداث بما لا يقبل الشك ان النظام الأمريكي متورط في هذه الحرب بالدعم والاسناد والتجهيز باطنان من الذخائر والاسلحة وقنابل الموت اليومي في لبنان وفلسطين .
هذا الدعم وعلى مدار عام كامل سجّل قيام الولايات المتحدة بإنشاء جسر جوي في اول ساعات معركة طوفان الاقصى في السابع من أكتوبر 2023 بأكثر من 6100 رحلة عسكرية بشحنات ذخائر وصلت إلى كيان الاحتلال.
واكثر من 2000 رحلة عسكرية لنقل ذخائر حربية إلى القواعد العسكرية الأمريكية في قبرص واليونان وإيطاليا كمحطات دعم متقدم للكيان .مع تنفيذ 1600 رحلة استطلاع جوي واستخباري فضلا عن اكثر من 1900 رحلة جوية لتزويد الطائرات المقاتلة وطائرات الشحن العسكري بالوقود .اما عن الإنفاق الأمريكي على العمليات العسكرية الصهيونية والعمليات الأمريكية ذات الصلة في المنطقة،بلغت اكثر من 22.76 مليار دولار على الأقل؛ يشمل هذا الرقم 17.9 مليار دولار وافقت عليها الحكومة الأمريكية كمساعدات عسكرية عاجلة للعمليات العسكرية الصهيونية في غزة منذ 7 أكتوبر – وهو أكثر بكثير من أي عام آخر منذ بدأت الولايات المتحدة في منح المساعدات العسكرية للكيان في عام 1959.
د.مصطفى الناجي 1 نوفمبر 2024