22 Feb
22Feb


لا خلاف ان الانتخابات هي احد ابرز اشكال الممارسة الديمقراطية، وصناديق الاقتراع هي الضمانة لتداول سلمي للسلطة، الحَكَم فيه هو رأي الشعب ممثلا بالناخب، رغم احتجاج البعض ان نتائج الانتخابات لا تعكس بالضرورة الارادة الشعبية الحقيقية، انما رغبة الاحزاب والقوى المؤثرة في الحراك الانتخابي، خاصة مع قلة الاقبال على المشاركة في الانتخابات، في بلد غير مستقر كالعراق، والراي العام فيه مشوش وخاضع لضغوط اعلامية ونفسية شديدة، واستقطابات حادة.

ولعل النظم الأبرز عالميا لاحتساب الاصوات في الانتخابات، هي نظام الأغلبية والنظام النسبي، ويقول أساتذة العلوم السياسية ان نظام الأغلبية يخدم الأحزاب الكبيرة، ويقلل فرص فوز المستقلين والأحزاب الصغيرة، لكنه ينتج استقرارا سياسيا، كما هو الحال في أمريكا وبريطانيا ودول مشابهة، اما التمثيل النسبي فهو يعطي فرصة اكبر لفوز المستقلين والقوائم الصغيرة، لكنه ينتج استقرارا سياسيا اقل، كما في إيطاليا واليابان ودول مشابهه.

اختيار نوع النظام الانتخابي يخضع لرغبات الدول وبحسب احتياجاتها وتفضيلاتها، وبالتالي يصبح عاملا مهما في طبيعة النظام السياسي في البلد، وربما يتحكم في عمر الحكومات، وشكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فيها، ومن ثم فهو غير بعيد عن مبدأ الإنجاز الذي يحدد نجاح النظم السياسية من عدمه، باعتبار ان الشرعية والانجاز هما عماد نجاح الحكومات، وعلى وقع النظام الانتخابي تضبط الاحزاب حركتها، وتختار تحالفاتها.

في العراق، ومنذ العام 2003 وحتى الان، لم يستقر النظام الانتخابي، بل تعرض لتعديلات تكاد تكون قبل كل استحقاق انتخابي، وتم تجريب كل " كسور " سانت ليغو، وفي كل مرة تستخدم القوى الاكبر برلمانيا اسلوب " الغلبة " لفرض النظام الانتخابي الذي يخدم مصالحها، ويضمن هيمنتها على مقاعد مجلس النواب ومجالس المحافظات، حتى جاء حراك تشرين الشعبي وكسر هيمنة الاحزاب الكبيرة، لينتج قانونا جديدا لانتخابات مجلس النواب على اساس الدوائر المتعددة، ساهمت في وصول اكثر من 40 مستقلا، غير ان المسودة الحالية عادت بنا الى المربع الاول.

مشكلة القوانين في العراق ان من يضعها هو السياسي وليس القانوني او المختص، وحتى الحكومة المعنية بتقديم مقترحات القوانين سحبت منها صياغة بعض القوانين ومنها قانون الانتخابات، وبالتالي تصبح القوانين مفصلة على مقاسات مصالح الكتل السياسية وليس المجتمع كما في بقية الدولة، ولان الحالة السياسية في العراق مازالت قلقة وغير مستقرة فعليا، تبقى القوانين غير مستقرة هي الاخرى، ويبقى المؤثر الاول فيها صاحب العدد الاكبر من الاصوات، دون مراعاة للصالح العام، فالاغلبية العددية هي احد مخرجات اللعبة الديمقراطية، لكن التعسف في استخدامها يفرز قوانين مثيرة للجدل وغير مستقرة، وفي المحصلة يبقى المشهد السياسي غير مستقر هو الاخر، مالم يصار الى تغليب المصلحة وحاجة البلد على منطق الغلبة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن