17 Sep
17Sep

معرض بغداد - الاثنين 16 أيلول 2024

اسعدتم مساء مع ازكى التبريكات والتهاني ونحن نعيش ذكرى المولد النبوي الشريف، نستلهم من صاحب الذكرى المقدسة الهّم والهّمة لتحقيق المهمة الرسالية. 

راجين العلي القدير السداد والتوفيق. 

........................

  • في مداخلتنا في هذه الأمسية البغدادية وبهذا الحضور المتميز، محاولة للحديث عن افاق الحوار العربي الكردي في نطاق المجتمع العراقي وفي اطار الذاكرة والمصير المشترك، كنت استمع في بداية العام الحالي وفي ندوة أقامها الملتقى برعاية السيد رئيس الجمهورية في بيت الحكمة لاحد الباحثين الافاضل عن نتائج استبيان تم اجراؤه في جامعات الإقليم، كانت النتائج مخيفة ومقلقة على الصعيد المجتمعي بسبب فقرهم الحاد الى ابسط المعلومات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية عن العراق، وكأن جيل التسعينات وجيل ما بعد التغير في عزلة  واغتراب ثقافي ومجتمعي ولعل الامر لا يختلف كثيرا عن شباب الوسط والجنوب. لذا انظر الى مبادرة الرئيس في ظل هذا الاغتراب المجتمعي أي مبادرة -تأسيس الملتقى الثقافي- باهتمام كبير، لعلها تشكل بارقة امل لكسر الجليد.


  • سألني احد المهتمين، ما اسباب هذه العزلة؟ (هل ان انشغال الإباء المؤسسين بالعملية السياسية وتداعياتها وتحدياتها ساهمت في تعظيم التمايزات المكوناتية في جسد الدولة وادت الى تموضعات جماعاتية بدل من الانطلاق الى الفضاء الوطني والدفع نحو الاندماج اكثر واكثر). تساؤلات بحاجة الى إجابة!!!


  • على كل حال، ما اريد ان أقوله ان ما يمتلكه الشعبان العربي والكردي في العراق من تاريخ وتفاعل اجتماعي وثقافي وسياسي، لو تتوفر (الهمة) لاستثماره لتحققت المهمة فحمل الهم لوحده لا يكفي اذا لم تتوفر الهمة، أقول كان يمكن ان يشكل هذا الرصيد الضخم في تاريخ العلاقات رافداً لتجسير العلاقة بين الأجيال وترسيخ الانتماء وتعزيز الهوية الوطنية.


  • لقد مر الشعبان بوحدة وجود من خلال تمسكهما بالأرض وتفاعلهما الاجتماعي والثقافي ساهم في صياغة وحدة المصير بالرغم من كل الصعوبات التي انتجتها إشكاليات تأسيس الدولة العراقية في بداية العشرينات من القرن الماضي وساهمت في الاضرار بالنسيج المجتمعي. كان الاستبداد المشترك من اهم تلك المحطات عبر تاريخ العراق الحديث والتي طبخت الشعبين كما يطبخ الحر في العراق التمر في تموز واب.


  • تجلى ذلك في مقاومة الاحتلال البريطاني عندما امتزج الدم العربي والكردي في الشعيبة، وما زلنا نقرأ في كتب التاريخ الهوسة (ثلثين الجنة لهادينا وثلث لكاك احمد واخوانه او اكراده) ويجيبه شيخ من السماوة شوية شويه لبربوتي.


  • وامتزج الدم في طغيان نظام صدام وتوحدت المصائر في المطاردات والسجون والمعتقلات والاعدامات. وفي انتفاضة شعبان-اذار كانت مسرحاً ومعلماً من معالم المصير المشترك. وتحولت المنافي الى عمل سياسي وثقافي واجتماعي، لعبت فيه المراكز دوراً كبيراً في تعزيز الاواصر بين الطرفين. وتحولت منطقة كردستان الى رئة سياسية وجهادية لكل العراقيين يقاومون منها طغيان النظام الصدامي ويعمقون ثقافة الديمقراطية وقد انتصروا على الطغيان.


  • كان من الممكن ان تضاف محطات تعاون اكبر واكثر بعد التغيير غير ان قضايا الحكم والسياسة لم تترك مجالاً للتفكير بالاشكالية الثقافية والمجتمعية واصلاحها، ونتج عن ذلك محاولات في الإقليم لبناء ذاكرة كردية ومحاولات في الوسط والجنوب لبناء ذاكرة عربية، بدلاً من صناعة ذاكرة وطنية جامعة. 


  • جميل جدا ان تبقى ذاكرة حلبجة والانفال حية في الإقليم ولكن ذلك يصبح اكثر وقعا عندما يعيشها البصراوي والانباري، وجميل ان نرى نصب تذكاري للجواهري في أربيل كرمز لمواقفه تجاه القضية الكردية اذ غنى لكردستان وجبالها بقصائده اكثر من 200 بيت شعري ولعلها اشهرها الميمية:


  •                       شعب دعائمه الجماجم والدم     تتحطم الدنيا ولا يتحطم


  • كان يمكن ان يكون المشهد اجمل لو كانت نصب تذكارية في بغداد والمحافظات لشعراء وادباء كرد تغنوا بالعراق ونخيله واهواره.
  • أقول هذه مبادرات جيدة يمكن ان تمثل انطلاقة لمشروع أوسع يتضمن غرس رموز كوردية في المجتمع العربي ورموز عربية في المجتمع الكردي، هذه المبادرات ستصبح اكثر وقعاً وتأثيراً اذا اندرجت ضمن خطة ذاكرة وطنية جمعية.


  • ما نريد قوله ان هناك ذاكرة متعددة ومتنوعة ثرية بالرموز والاحداث والمنجزات الثقافية والعلمية (موقف النجف من القضية الكردية، حلبجة، الانفال، المقابر الجماعية، انتفاضة اذار-شعبان، الهجرات المشتركة، سبايكر، المخرجات الأدبية والعلمية والسياسية، تحدي داعش وغيرها الكثير)، يمكن القول لدينا رصيد كبير كاف لصياغة مشروع ذاكرة جمعية تمثل الوعاء الوطني الذي ينهل منه الشعبان لصنع السلام والتنمية.


  • ما نحتاجه اليوم هو التوجه نحو مأسسة عمليات التفاعل والمصير المشترك بين الشعبين، بحاجة الى مؤسسة للذاكرة وبحاجة الى حماة لهذه الذاكرة قادرين على حراستها من العبث بها والتشويه. 


  • مبادرة السيد رئيس الجمهورية لتأسيس الملتقى الثقافي خطوة في الاتجاه الصحيح وطوال عام من تأسيسه شهد فعاليات متعددة ويمكن ان يشكل مدخلاً لمأسسة الذاكرة. وادعو السيد الرئيس الى دعوة نخبة عربية كردية تحمل الهم والهمة من الجيلين من الخبرات والشباب المتحفز ومنظمات مجمتع مدني واكاديمين إضافة الى ممثلي الجهات المعنية للاشتراك في وضع أسس علمية هذا المشروع.  وهؤلاء النخبة أؤكد (النخبة) سيصبحون النواة الصلبة الحاملة للمشروع ويكونوا حراساً له. ومهمة هذا الفريق رسم خارطة طريق لإنقاذ مجتمعنا العراقي.


  • وادعو السيد رئيس الجمهورية ان يجد الملتقى الثقافي وجودا في باقي مناطق العراق، سيبقى المركز في السليمانية وبغداد والدعوة للتفكير الجدي بفتح فرع في البصرة وفي الفرات الأوسط وفي كركوك، فهذه بنى تحتية هامة للمشروع.


  • ومن اجل تعزيز الذاكرة المشتركة بين الشعبين: العمل على تفعيل بروتوكول للتبادل الجامعي بين جامعات الإقليم والمركز وتحديد نسبة سنوية الى طلبة الإقليم للقبول في الجامعات)


  •  تسهيل مهمة المخيمات والسفرات المدرسية بين الإقليم والمركز لزيارة المتاحف والتبادل الثقافي بين المحافظات.


 هناك الكثير من الاقتراحات في هذا المجال، ما نريد التأكيد عليه، ان حل المشكلة المجتمعية من بوابة ثقافية، لذلك جاءت المبادرة بتأسيس المركز الثقافي العربي الكردي،  واعية لاساس المشكلة، ان الحل عن طريق البوابة الثقافية ومحورها الذاكرة الوطنية الجامعة والتي تحتاج الى مأسسة والى حراسة امنية من العبث والتشويش. 16 أيلول 2024      

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن