24 Sep
24Sep



كتب : النائب عباس الجبوري عضو لجنة العلاقات الخارجية

١-في الطريق الى المطار كان الاسد يقود سيارته وتجلس بجانبه زوجته يتبادلان أطراف الحديث قبل ان تتغلغل شمس دمشق بين أوراق الخريف الحمراء فيبعثرها ريح الفجر العليل على كل الارصفة  والذي يعرف دمشق يعرف خريفها المكتظ بالجمال والرذاذ ونسائم الفجر المتحدرة من قاسيون الجبل الذي يلهم أهل الشام الشموخ والاستغفار بعد كل صلاة 


٢-كان الطريق شبه فارغ الا من بعض سيارات الحمل التي تحمل الفواكه والخضروات من ريف دمشق لأسواقها وكذلك عدد من السيارات العسكرية القديمة 

لم تقف سيارة الاسد الا على حاجز (القزاز)العسكري الذي يؤدي الى المطار  بعد أن أشار الجندي للسيارة بالتوقف للتفتيش فبادره الاسد بعد ان أنزل زجاج نافذة السيارة (البلور) مبتسماًله(يعطيك العافية) فرد الجندي تحية الاسد باستعداد المتفاجئ (احترامي سيدي) وبصوت عال تنبه له جميع العساكر في نقطة التفتيش فبالغوا بالانضباط قبل ان يغمرهم الاسد بابتسامة عريضة استراح لها الجميع 


٣-في طريق المطار راح الاسد يقلّبُ بقايا مشاهد الحرب وذكرياته في منطقة (حتيتة التركمان) وماحولها وكيف كان القناص الشيشاني يرصد حركات المسافرين ليتصيد فرائسه على طريق الموت المسافر الى المجهول وانحسار المساحات الخضراء بعد ان ذبح الفلاحون بخناجر مجهولة المالك 

لقد قاربت الساعة من السابعة صباحاً حين رصف سيارته عند مدرج الطائرة 


٤-بدأ قائد الطائرة كعادته يرحب بالمسافرين على الطائرة (الرئاسية )الصينية ثم أعلن عن مسافة الرحلة بين سوريا والصين والبالغة ٧٠٠٠كم (سبعة آلاف كم) وتستغرق حوالي ٩ ساعات وتمنى لهم سلامة الوصول باللغتين العربية و(الماندرينية) وهي لغة اهل الصين الرسمية 

وبعده عقب احد الركاب بلهجة شامية (قول يالله)


٥-الصين بالغت بالاهتمام بتوجيه دعوة الزيارة وزامنتها مع حدث رياضي كبير وهو(افتتاح دورة الالعاب الاسيوية)التي سيحضرها الاسد في ايحاء ة الى ماتصنعه الرياضة الناعمة بين الشعوب 

وكذلك أرسلت الصين طائرتها الرئاسية تكريماً للضيف العربي السوري وكذلك لفتة أمنية حذرة بالاضافة الى طول المسافة التي بين البلدين 


٦-بعد ان خرجت الطائرة من الاجواء السورية قدمت المستشارة الاعلامية (لونا الشبل) الايجاز الاعلامي الاسد الذي توقف عند كلمة في سياق جملة خبرية (تأتي الزيارة بعد عشرين عاماً على زيارته السابقة الى الصين) فوضع خطاً تحت  (عشرين عاماً)ليقرأها بصوت عال وهو يمرر عينيه على وجوه وتضاريس المسافرين ليبتسم الجميع وهم يراجعون رحلة عشرين عاما. من الزمن بكلمتين 


٧-بعد قمة جدة وزيارة ابوظبي وزيارة رئيسي الى دمشق تبلورت فكرة السفر الى الصين التي أوحت بها اتفاقية (الوسادة الزرقاء)بين السعودية وايران فباركتا الزيارة برسائل من تحت ماء العيون 

وأصبحت الصين غير قلقة من دول الخليج  التي وضعت في أجواء الزيارة برسائل خاصة لكي لاتتعب الرادار 


٨-رقصت الصين للوفد السوري القادم فحياها بتحيات الصداقة والمحبة ثم أخرج من حقيبته جدول الاولويات ومايريد وما يزيد من عنوانات وتفاصيل ومعاهدات و مآرب اخرى  

انشغل عنها الروس بسبب اوكرانيا وحرب الغرب كله على روسيا  وكذلك انشغلت عنها ايران بسبب ارمينيا وحصار التومان وهبوطه واجواء اليمن و أسرار النووي الغائرة 


٩- قدمت سوريا الى الصين زعيمها المنتصر على الارهاب بشموخ كبير زاد من انجذاب الصين للزيارة والاهتمام بها ثم فرش الاسد أوراقه المتعددة وكانت


  أ-الاستفادة السورية من مشاريع الربط الصيني عبر العالم عن طريق الحرير او الكتان او السفن او الشوارع 


ب-دعم صيني لتجاوز الازمة الاقتصادية الخانقة  وانهيار الليرة السريع


ج-المساهمة في اعمار سوريا الخارجة من الحرب على كل الاصعدة العابرة على (قانون قيصر) وغيره 


د-انتاج علاقة جديدة (صادمة) لكل الغرب المحاصر لسوريا والتي عنونت تحت عنوان (الشراكة الاستراتيجية) 


هـ-توسيع الدور الصيني على الارض والاجواء ليلامس الوجود الصيني على ضفتي الخليج وليستريح بشاليهات اللاذقية ذات الرذاذ البحري الازرق الندي 


١٠-أرادها الاسد شراكة فكانت ولم تكن (جرعة )علاقات عامة لموسم محدد  خصوصاً بعد ان تباطئ الانفتاح العربي الرسمي على سوريا فصنع (النموذج الصيني)لكل المواسم  وهنا تكمن مهارة (الحريص) الذي يقتنص الفرصة (بزمانها ومكانها) لينتج لشعبه (خبزاً وكرامةً ومستشفيات)


١١-سردية النار والسلام التي كتبتها سورية وقدمتها الى الصين بادلتها الصين ب(سردية الاقتصاد والتواضع) ليقدما للعالم عبر (بريكس)سيرة عالم متعدد الاقطاب واللغات والاجناس  كتب في اهدائه لجميع بني البشر

(لتعارفوا ان كرمكم عند الله أتقاكم)

قال الشهيد محمد سعيد البوطي (لتعارفوا) وليس (لتتخاصموا ) أو(لتعلقوا) بلهجة اهل الشام الطيبين 




تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن