كتب – عبد العليم البناء
أختتم الأربعاء الماضي في مسرح الرشيد وسط العاصمة بغداد فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح بنسخته الرابعة الذي نظمته دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، برعاية رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، وإشراف وزير الثقافة د. أحمد فكاك البدراني، للمدة من 10 – 18 تشرين الأول 2023 تحت شعار (لأن المسرح يضيء الحياة)، والتزاماً بالحداد العام الذي أعلنه العراق، تم الغاء جميع الفعاليات الفنية وألقاء كلمات التضامن مع ملحمة طوفان الأقصى وشعبنا الفلسطيني وشهداء غزة والتي مازالت متواصلة ضد جرائم الكيان الصهيوني الغاصب.
وبدأ الحفل الذي أدارته الإعلامية العراقية المتألقة أسيل سامي عبد الحميد وهي تعتلي الخشبة من جديد للمرة الأولى منذ عقود، وافتتحه رئيس المهرجان الدكتور أحمد حسن موسى مدير عام دائرة السينما والمسرح، بالوقوف دقيقة واحدة وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء طوفان الأقصى في فلسطين العربية، الذي أكد أنه تم إلغاء الفقرات الفنية الخاصة بالحفل الختامي تضامناً مع ثورة شعبنا الفلسطيني المستمرة والإكتفاء بتوزيع الجوائز بين الفائزين والمتنافسين،وقد حيا موسى الشعب الفلسطيني بكلمات تفاعل معها الجمهور بالتصفيق وبشكل كبير. وقد حضر حفل الاختتام السيد قاسم طاهر السوداني وكيل وزارة الثقافة السيد قاسم طاهر السوداني ونقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي، وعدد من المديرين العامين، وممثل شركة إيرث لنك الراعي الرسمي للمهرجان، الذين شاركوا في تكريم عدد من الفنانين والفرق المشاركة وتوزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان، وسط حضور جمع غفير من الفنانين من العراقيين والعرب والأجانب وجمهور كبير من المهتمين والمعنيين بالمسرح غصت بهم قاعة وممرات مسرح الرشيد.
وألقيت كلمات مهمة لإعلان التضامن مع شعبنا الفلسطسني البطل وهو يخوض ملحمة طوفان الأقصى شاركت فيها النجمة عبير عيسى من الأردن والفنان الكبير جواد الشكرجي، ومن ثم ألقت الدكتورة فوزية مصطفى إيزجاي من الجزائر بإلقاء كلمة الفنانين العرب المشاركين بهذه الدوة التي حيت المشاركين بالمهرجان وأشادت ببطولات الشعب الفلسطيني ونضالاته المتواصلة التي تكللت بطوفان الأقصى، لتختتم بكلمة المسرحيين العراقيين في المهجر التي ألقاها الفنان والناقد المسرحي الدكتور محمد سيف، التي قال فيها: أعتقد أن اغلب مسرحيّ العراق في المهجر قد شعروا واستشعروا ذلك، ووفقاً لذلك استمروا في تقديم نتاجاتهم كل على طريقته وامكانياته وظروفه، دون أن ينسوا ولا لحظة واحدة، حسبما أعتقد، أنهم أبناء شرعيون للمسرح العراقي العريق في تقاليده المسرحية؛ أبناء شرعيون لتياراته وتوجهاته المتنوعة التي أسسها الأولون من المسرحيين، مثل حقي الشبلي، جاسم العبودي، إبراهيم جلال، بهنام ميخائيل، قاسم محمد، سامي عبد الحميد، عوني كرومي، فاضل خليل، صلاح القصب، وغيرهم من المعلمين الآخرين الذين لا يسعني المجال هنا لذكرهم جميعاً. ولكن، ما يثلج القلب اليوم حقاً، هو دعوة هؤلاء المسرحيون المهاجرون إلى مهرجان بغداد في دورته الرابعة، دعوتهم لا لمشاهدة ما حققه المسرحيون العراقيون بعيداً عنهم، وإنما للحديث عن تجاربهم، همومهم، ومعاناتهم؛ دعوة تدعوا للاحترام والاجلال حقاً، لأنها تسعى في شكلها ومضمونها إلى مد الجسور التي قطعت ما بينهم وبين مسرحهم العراقي الذي ولدوا من رحمه، بعيداً عن الرقابة، والشرطي السياسي الذي كان يتربص لهم بعد نزولهم من الخشبة، وبعيدأً حتى عن شبح الموت نفسه الذي كان يداهمهم.
لا يكفي شكر وزارة الثقافة على هذه الخطوة البليغة في كل معانيها، مثلما لا يكفي شكر الدكتور أحمد حسن موسى مدير دائرة السينما على ذلك، هذا الرجل المسرحي المثابر الذي أعاد مع فريق عمله بناء مسرح الرشيد إلى الوجود، هذا المسرح الذي شاهدنا من فوقه أجمل العروض، هذا المسرح الذي يعتبر بالنسبة للمسرحيين العراقيين ذاكرة لا يمكن لطائرة أو صاروخ أعمى أو مخرب جاهل أن يمحوها بسهولة بمجرد تحطيم جدرانه.
إن إعادة بناء هذا الصرح العظيم من جديد وبإمكانيات مادية ومعنوية محدودة، وتكاد أن تكون فردية، بمثابة إعادة بناء للذائقة الفنية العراقية ومعماريتها الرصينة."
وقد استضافت مسارح العاصمة بغداد، العروض المسرحية للدول المشاركة ومن ضمنها البلد المضيف العراق، وهي مصريَّة وتونسيَّة وأردنيَّة وإيرانيَّة وبرازيليَّة وبلجيكيَّة وتركيَّة ومغربيَّة وجزائريَّة وإيطاليَّة وعمانيَّة وألمانيَّة، وعقدت على هامش المهرجان ندوات فكريَّة وإصدارات صدرت وندوات وورش تدريبية تخص المسرح، ومعارض للصور وبازار للنقش على الزجاج وفعاليات أخرى.
وفي الختام اعتلت لجنة التحكيم برئاسة الدكتورة أقال نعيم منصة المهرجان التي ألقت كلمة موجزة أكدت فيها أم الجميع فائزون بالرغم من النتائج التي سيتم الإعلان عنها وتولى الفنفن المغربي الحسن النفالي عضو لجنة التحكيم تلاوة البيان الختامي والذي تضمن ملاحظات وتوصيا عدة تصب في صالح المهرجان والعملية الإبداعية التي ينطوي عليها فن المسرح بكل تمظهراته، وتولى العديد من المسرحيين وكبار المسؤولين في وزارة الثقافة والسياحة والآثار وممثل شركة إيرث لينك توزيع الجوائز على الفائزين وعلى النحو النحو الآتي: ذهبت جائزة أفضل نص إلى مسرحية (آمال) لجواد الأسدي من العراق ، وأفضل ممثلة الى الفنانة أسماء الشيخ عن دورها في مسرحية عن دورها في مسرحية (نوستالجيا) من الجزائر، وأفضل ممثل للفنان كاميران رؤوف عن مسرحية (الملك لير وساحرات مكبث) من العراق، وفاز الفنان أنس عبد الصمد بجائزتي أفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا، عن مسرحية (بيت أبو عبد الله) من العراق، كماحظي بجائزة أفضل أداء جماعي العرض الإيطالي (روميو وجوليت، في حين ذهبت جائزة أفضل عمل متكامل الى مسرحية (ماكبث زار) من إيران.، وهي الجائزة الكبرى للمهرجان.