28 Apr
28Apr

كتب : د . محمد سهر 

تتقاطع أقدار بطلي الثلاثية لأول مرة في قطار بمدينة فيينا، يقترح جيسي( إيثن هوك) على سيلين (جولي ديلبي) أن تنزل معه إلى المدينة لقضاء ليلة طارئة غير مخطط لها لحين موعد إقلاع طائرته إلى الولايات المتحدة، فيما يمكنها هي أن تستقل القطار الثاني صبيحة الغد نحو باريس.. 


(*) الصور بالتسلسل; 

 Before Sunrise, 1995. 

Before Sunset,  2004. 

Before Midnight, 2013. 

________________________________

وتسرد النسخة الأولى Before Sunrise ( قبل شروق الشمس ) التي تم إنتاجها العام 1995، تسرد الأحداث الدقيقة التفاصيل التي مرت  في هذه الليلة الاستثنائية من حياة هذين الشابين اللذين تسلل الحب بسرعة إلى قلبيهما.. 

وقبل أن يتوادعا صبيحة اليوم التالي ليذهب كل منهما إلى بلده؛ يتفقان على لقاء قادم في نفس المدينة يكون في أعياد رأس السنة، وبقرار غريب يرفضان تبادل أرقام الهواتف فيما بينهما، تاركين لنفسيهما تجربة القدرة على الإيفاء بموعد تم قطعه بين غريبين يلتقيان للمرة الأولى، ثم يفترقان بعد رفقة جميلة استمرت ثمان ساعات افترشا فيها العشب وتلحفا الفضاء.. 

تنجذب ارواح الشابين فينشأ بينهما تواصل إنساني بسيط وسريع لكنه عميق تقدح من خلاله شعلة الحب في لقاء مسروق من الزمن..ثم يمضي كل إلى سبيله.. 

وفي الحقيقة فلقد كان هذا الفيلم في نسخته الأولى محاولة  من المؤلف والمخرج الأميريكي ريتشارد لينتكيلتر للبحث عن فتاة كان قد التقى بها ذات يوم من العام 1989 في فيلادلفيا، كانت تتجول وحيدة في تلك الليلة قبل عودتها إلى نيويورك في صباح اليوم التالي، ليقضيا ليلة ممتعة متجولين في الشوارع والساحات في نقاش عفوي، سلس، وخالد، ثم توادعا على أمل اللقاء من جديد، ولأن الحياة ليست كالسينما فأن ريتشارد عجز في العثور على تلك الفتاة فقام بإنتاج هذا الفيلم من أجل أن يكون رسالة مشفرة ستفكك طلاسمها حينما تشاهده حسبما أعتقد هو، لكن خيبة أمل ريتشارد كانت أكبر عندما لم يجد صدى لفيلمه لدى الفتاة الحلم- السراب، على الرغم مما كان قد حققه هذا الفيلم من نجاح منقطع النظير.. 

وفي لحظة فارقة من الزمن يُدرك ريتشارد أن حبيبته قد غابت إلى الأبد، إذ كانت قد توفيت من جراء حادث سير حصل لها بعد لقاءهما بعام، وأنها لم تشاهد أحداث ذلك الفيلم الذي صنعه ريتشارد من أجلها.. 

ومن أجل تخليد ذكراها، عمل ريتشارد على إكمال السلسلة في فيلمين آخرين جسدَ من خلالهما ما كان يدور في مخيلتهِ من أحداث كانت ستحصل، أو أنه تمنى حصولها مع حبيبته، وكأنها لا زالت على قيد الحياة، ولقد أجاد في ذلك عندما قدم ذات البطلين في النسخة الثانية Before Sunset عند العام 2004، أي بعد مرور تسعة أعوام على النسخة الأولى، وكأن الأحداث حقيقية تماماً بين رجل وامرأة يلتقيان مرة أخرى بعد مرور تسعة أعوام على لقاءهما الأول من دون الحاجة إلى إدخال أية تعديلات على هيئة البطلين لأن الزمن كان كفيلا بذلك.. 

ولأن طيف فتاة فيلادلفيا ظلَّ قابعاً في مخيلة ريتشارد، لم يغادر ذاكرته على الإطلاق؛ فأن الرجل ذهب إلى تأليف وإنتاج وإخراج النسخة الثالثة التي حملت عنوان Befor Midnight عند العام 2013، أي بعد مرور تسعة أعوام أخرى على النسخة الثانية، وثمانية عشر عام على النسخة الأولى.. 

من الممتع حقاً مراقبة التجاعيد التي تتركها السنوات الثمان عشر على بشرة جولي دلبي المشعة الشديدة البياض،متساءلين مع انفسنا بعد أن نشهد حالات الشجار والعراك المستمرة بين الزوجين في النسخة الأخيرة:  

لو كان عرافاً قد أنبأ سيلين بما سيحصل من أحداث، هل كانت ستغير مقعدها في القطار وتجلس إلى جانب الشاب الذي جذبها بجرأته، ونظرته للحياة، وأفكاره غير التقليدية؟ 

وهل كانت ستقبل باقتراحه وتنزل معه في مدينة كانت يمر بها قطارها في كل مرة بين مدريد التي تدرس فيها، وباريس حيث تسكن مع جدتها؟ 

وهل كان جيسي سيصبح كاتباً شهيراً، يعلن عن موعد توقيع نسخته من كتابه الجديد في باريس على أمل أن تقرأ سيلين الإعلان وتأتي إلى مقابلته، وهو ما حصل بالفعل؟ 

سلسلة Before  بثلاثة أجزاء يستحق المشاهدة بتمعن،والتأمل بهدوء، مع الاستغراق بأدق التفاصيل..

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن