20 Jul
20Jul

رضا المحمداوي *

 يتنوعُ الإنتاج الدرامي لدينا في العراق، وتشهدُ شاشة التلفزيون وخاصةً في الماراثون الدرامي في شهر رمضان من كل عام العديد من هذه النتاجات الدرامية، وبرغم أنَّ رمضان يعد مناسبة دينية خالصة إلاّ أن النتاجات الفنية في هذا الشهر الفضيل لم تعدْ تحفل بالدراما التأريخية أو الدينية. 

وتتكرر هذه الظاهرة مع حلول شهر مُحرَّم (ومعه شهر صفر كذلك) حيث الإستذكار السنوي لذكرى إستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وآل بيته الأطهار في واقعة الطف الأليمة.

  فبالرغم من الحاجة الماسة لأغلب القنوات للأعمال الدرامية التي تستلهم هذه الحادثة أو تحاول توظيفها واستثمارها في أعمال درامية من أجل تغطية البرنامج العام لبثها الخاص خلال ذينك الشهرين فضلاً عما تلقيه هذه المناسبة التأريخية وطابعها المأساوي من ظلال حزينة على الحياة المجتمعية العامة وشيوع وإنتشار العديد من الطقوس والشعائر الدينية التي تحيي هذا الواقعة وتستذكر مواقفها الصعبة ... بالرغم من ذلك كله نجد أن هناك نقصاً واضحاً وعزوفاً غامضاً من قبل جهات الإنتاج المتعددة عن الإقدام والمبادرة لإنتاج هذا النوع من الدراما الذي يستفيد من واقعة الطف وما تحفل به وتحملهُ من عناصر ومقومات ومكونات درامية لا سيِّما تلك التي تستحضر فن الدراما التراجيدية بخصائصه المعروفة أو من خلال إستحضار شخصية الإمام الحسين(ع) نفسه بمواصفات البطل التراجيدي وما مرَّ به من مواقف وتحديات صعبة طوال مسيرته الجهادية ورحلته الشاقة الطويلة إبتداءً من المدينة المنورة وإنتهاءً  بوصوله  كربلاء وإستشهاده مع آل بيته في واقعة الطف عام 61 هجرية.

 ولو قمنا بمراجعة شاملة وكاملة لتأريخ الدراما العراقية منذ تأسيسها فلن نجد عملاً درامياً مؤرشفاً عن واقعة الطف أو حادثة إستشهاد الإمام الحسين ( ويصّحُ هذا القول على السينما العراقية كذلك) وهي الحقيقة التي طالما توقفنا عندها وتساءلنا عن الأسباب والموانع التي تحولُ دونَ الإقدام على  خوض غمارهذه التجربة الدرامية  بكل شجاعة وجرأة . 

وسيبدو هذا التقصير واضحاً أكثر  في معالجة واقعة الطف درامياً بعد العام 2003 وتأسيس العشرات من القنوات الفضائية وقيامها بإنتاج العديد من الأعمال الدرامية من كل الأنواع والصنوف إلا إنتاج تلك القنوات من الأعمال التأريخية والدينية بقي مشلولاً، وسيزداد هذا القصور الإنتاجي في الجانب الديني حضوراً إذا اخذنا بنظر الإعتبار شيوع وتكريس الخطاب الإسلامي لدى أحزاب الإسلام السياسي التي إستلمتْ دفة الحكم بعد عام 2003 مع إنتشار جماهيري واسع لفكرة التدين الشعبي، فضلاً عن الحضور الفاعل للتأريخ الإسلامي ومناساباته وأيامه ووقائعه في داخل الذاكرة المجتمعية وإستذكاره الدائم لها. 

وأستذكرُ هنا طوال السنوات الماضية العديد من المبادرات والمشاريع والأفكار الدرامية في هذا الصدد والتي أعلن أصحابها عن الشروع بها أو قرب البدء بتفيذها لكن في النتيجة النهائية لم يُكتبْ النجاح لأيٍّ منها ولم يُقَدَّمْ أيُّ إنجاز على الشاشة. 

* عن مجلة (الشبكة العراقية) في عددها الأخير

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن