لا تزال العراقية أم رحيم (55) عاماً، من قرية السنية في محافظة الديوانية، تعوّل على البدائل التجميلية التي اعتمدتها للسنوات الماضية، حيث بدأت باستخدام مادة الديرم العشبية وشحم البقر كمستحضرات تجميل للوجه.
والديرم هي في الأصل مفردة لاتينية تعني طبقة الجلد التي تحت البشرة وتطلق على اللحاء المستخرج من شجرة الجوز التي يعتقد أن أصلها يرجع الى بلاد فارس ثم انتقلت زراعتها الى جنوب شرق أوروبا مرورا بآسيا الصغرى حتى جبال الهملايا لتصل قرابة القرن الأول قبل الميلاد إلى منطقة حوض الأبيض المتوسط، ولاسيما في لبنان الذي أصبح أحد أهم الدول المنتجة لخشب الجوز وثماره.
وكان الديرم يستورد من ايران والهند ويعد مكونا رئيسيا من مكونات زينة المرأة قديما في جنوبي العراق، وصولاً إلى دول الخليج، وأحد الأدوية الناجعة في علاج مشاكل الفم والأسنان حيث كانت المرأة تضع قطعة من الديرم في فمها وتقوم بمضغها حتى تصبح رطبة فتفرز مادة حمراء تصبغ بها شفاهها لتكسبهما لونا جميلا وانتفاخا قليلا كون الديرم لاذع في أغلب الأحيان ثم تقوم بفرك ما تبقى من قطعة الديرم على اللثة والأسنان لتنظيفها وتبييضها وحمايتها من التسوس.
صناعة يدوية
بدأ الأمر مع أم رحيم في حفل زفافها وهي فتاة، حين نصحتها المقربات باستخدام الديرم لتجميل أسنانها وشفاهها والكحل، المصنوع من شحم البقر أيضاً، كبديل لمساحيق تجميل العيون، الأمر الذي انتهى باستخدامها له على مدى السنوات اللاحقة.
تقول أم رحيم لوكالة انباء محلية ، "أنا أعيش في قرية ذات طابع ريفي، لا يعلم الجميع ضرورة شراء مستحضرات تجميل غالية الثمن، أو التوجه إلى السوق من أجلها، لذا نتجه للبدائل الطبيعية التي عادة ما تكون زهيدة الثمن".
وتضيف، "أنا استخدم البدائل المتوافرة عند أغلب نساء القرية، الا وهي الديرم، وهو عود عشبي صلب نستخدمه لتنظيف الأسنان وتبييضها، وإضفاء اللون الأحمر على الشفاه بشكل دائم".
وتتابع، "بالإضافة إلى نبات الحناء كصبغ للشعر، والكحل المصنوع يدوياً من شحم البقر، حيث اصنعه عن طريق حرق الشحم على الفحم في إناء وتغطيته وتجميع الدخان المترسّب في علبة صغيرة جداً لاستخدامه ككحل للعيون".
إن لم تنفع فلا تضر
خبير الأعشاب، عمار الحجامي، تحدث عن المواد التجميلية العشبية بقوله إنها "عبارة عن منتجات من الطبيعة وتحظى بقبول واسع بين النساء، وعلى مدى سنوات طويلة، فمثلاً الديرم، وهو عبارة عن قطع خشبية نحصل عليه من لحاء شجر الجوز، وأن استخدامه ليس حكراً على النساء، كما هو معروف، وإنما يستخدمه الرجال أيضاً، لتبييض الأسنان وتنظيفها بشكل دائم، كما يُستخدم في الوقت الحالي لصناعة الأثاث المنزلي بسبب متانته وصلابته".
ويوضح الحجامي خلال حديثه لوكالة انباء محلية أن "أسماء الديرم تختلف من دولة الى أخرى، فهناك من يطلق عليه شجرة عين الجمل، أو لوز خزايني، أو غيرها"، مؤكداً أن "المواد العشبية إن لم تأت بنتيجة فإنها لن تضر مهما طال استعمالها على البشرة، وأنها تدخل أيضاً في صناعة مستحضرات التجميل الكيميائية، الا أن الأخيرة قد تضر إن ساء استخدامها".
ماذا عن البشرة الحساسة؟
يعارض الدكتور ياسر الشمري، الأخصائي في الأمراض الجلدية، والتدريسي في كلية الطب، وعضو الهيئة الإدارية لجمعية الأمراض الجلدية في العراق، رأي خبير الأعشاب حول أضرار المواد العشبية.
حيث يقول الشمري، إن "العادات المتوارثة لنساء الريف باستخدام ما هو متوفر من أعشاب في المنطقة لغرض التجميل قد تتسبب بتحسس أو تهيج البشرة إن استخدمت مباشرة دون تعديلات من الشركات المتخصصة".
ويضيف الشمري خلال حديثه ، "خاصة وأن بعض أنواع الكحل العربي يحتوي على مادة الرصاص، الذي قد يتسبب بتسمم النساء وتعريضهن لخطر الإصابة بفقر الدم، وتأخر النمو، وانخفاض معدل الذكاء أيضاً".
بدوره يرى الدكتور أحمد الخشالي، أخصائي الأمراض الجلدية والتجميل، أن "الأعشاب لها دور كبير في منح نتائج مذهلة للبشرة، وأنه كلما زادت نسبة المواد الطبيعية في مستحضرات التجميل كلما كانت أفضل".
ويبين الخشالي في حديث صحفي أن "عملية اختيار مستحضرات العناية المناسبة للبشرة باتت مهمة صعبة ومربكة في ظل الخيارات والأصناف الكثيرة الموجودة في الأسواق، لذا اعتقد بأن المستحضرات العشبية التي لا تحتوي على دهون حيوانية مضافة أو زيوت فائضة، أو ما قد يتسبب بحساسية البشرة، هي الأفضل دائماً".