09 Apr
09Apr

كتب : د . محمد سهر 

كثيرة هي القصص التي تحكي عن إسقاط نظام سياسي مستبد بواسطة قوات أجنبية تتحول لاحقاً إلى قوات محتلة تفقد الناس ثقتها بها، وتتمنى خروجها من البلد..


ولا يتمنى إنسان احتلال بلاده من قبل قوات أجنبية تنتهك حريته وكرامته، وتستحوذ على خيراته، وتحول سكانه إلى عبيد، وخدم إلا بعد أن يشعر هؤلاء الناس بأن النظام السياسي القائم لا خير يُرتجى من بقاءه، ولا يستفيد من تجاربه المريرة في تعديل طريقة حكمه، وأنهم بعد ذلك غير قادرين على تغييره بسبب بطشه،واستبداده،وعنف أجهزته الأمنية..

.....

 فيلم (الرغبة،والحذر) الذي تجري أحداثه  أثناء حقبة الاحتلال الياباني للصين،وظروف الحرب العالمية الثانية؛ هذا الفيلم لا يتحدث مثل الأفلام الصينية المعتادة عن الفضائع التي ارتكبها اليابانيون في هذا البلد،ولا عن نساء المتعة،ولا عن زنازين الاعتقال،أو معسكرات الأسرى..

القصة تتمحور حول طالبة تنضم مع زملاء لها يعملون في فرقة مسرحية إلى المقاومة المسلحة... حماسهم يؤدي بهم إلى محاولة تجسيد الأعمال المسرحية المناوئة لجنود الاحتلال وعملائهم في الداخل التي يؤدونها على خشبة المسرح،تجسيدها  إلى واقع من خلال العمل على اغتيال مسؤول صيني مهم يعمل لصالح اليابانيين ضد بلاده،ولأن أقصر الطرق للوصول إليه تكون عن طريق الجنس كما هو المعتاد في السياسة وفي أعمال الجاسوسية،يتم إقناع زميلتهم الشابة التي لم تكن لديها أية تجربة سابقة من أجل استدراجه للفخ...

......

لكن هذه الفتاة وبعد أن تضحي بنفسها من أجل استقلال بلادها يفاجئها المسؤولون الحزبيون بأن عليها الاستمرار  بهذا العمل،لأن وقت اغتياله لم يحن بعد،لكنها تخبرهم أن الرجل الذي تريد وضعه في المصيدة، قد امتلكَ قلبها قبل أن يمتلك جسدها( إنهُ يشق طريقه نحو قلبي كالثعبان)...

لذا، وفي لحظة فارقة أثناء خطة الاغتيال الأخيرة في محل للمجوهرات تقول له( أهرب) فينجو من موت محقق...

.....

طبيعة الفيلم المنتج في تايوان عام 2007، لا يخلو من إساءة ربما مقصودة تستهدف الصين كدولة عدوة لتايوان يحكمها حزب شمولي، والمشاهد يلمس ذلك دون عناء وهو يتابع  سير أحداث الفيلم التي تدور بين هونج كونج،و شانغهاي.... الحزب القومي الصيني وهو حزب معاد للشيوعية  وللاحتلال الياباني حينذاك يبدو في هذا الفيلم كمؤسسة تضحي بالإنسان جسدا وروحا من أجل تحقيق أهدافه في الوصول إلى السلطة،كما أنه يصور ( الشخص الحزبي) بلا قلب،فالخيانة الحقيقية ليست قيام هذا الرجل بالعمل لصالح اليابان التي كانت تحتل بلاده،بل الخيانة تجلت في توقيع إعدام الفتاة التي عشقت حتى ساديته معها..

 بعد أن وجدت فيه الرجل الذي يفجر ما بداخلها من عواطف وأحاسيس فشلَ في تحقيقها صديقها الشاب المسرحي المقاوم قبل أعوام ثلاث عندما تم تجنيدها من أجل اغتيال هذا المسؤول العميل..

كل الأحزاب الشمولية التي كان يقودها أشخاص مستبدون،فاتها أمر مهم وهي ترفع شعار( نفذ ثم ناقش)، ذلك الأمر الذي يتعلق بذات الإنسان وجوهره،قلبه وروحه،مشاعره وأحاسيسه،لذلك فشلت كل النظريات التي تجعل من الإنسان مجرد رقم ضمن سلسلة أرقام،أو حلقة ضمن سلسلة حلقات..

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن