كتب – عبد العليم البناء
في الوقت الذي يعد فيه الفن السينمائي من الوسائل الفنية والثقافية والإعلامية التي تستطيع إضافة بعد جديد للإنسان والمجتمع، عبر قراءة الواقع قراءة صحيحة ومرآة صادقةً تعكس واقع المجتمع والحياة، من أجل إعادة بناء الأحداث على شريط خلوي، فإنها مصدر تنوير وتطوير وتأصيل عبر ما تقدمه من سرد صوري وقصصي بما فيها من متعة وجمال وسحر ودهشة، تواصل السينما العراقية الجديدة حضورها الفاعل في مختلف المهرجانات والمحافل العراقية والعربية والدولية وتحقيق أعلى المراتب فيها، وفي هذا السياق جاء اختيار الفيلم العراقي الروائي القصير (ترانزيت) للمخرج العراقي باقر الربيعي – مؤخراً - ضمن الأفلام المشاركة في مهرجان (فيستماج) السينمائي، الذي يعد من أهم مهرجانات السينما الدولية المخصصة للأطفال والشباب ليصب في هذا الاتجاه، ويقام في فرنسا لمدة شهر كامل بين 24 آيار الحالي و24 حزيران المقبل، وتم اختيار (ترانزيت) من بين 420 فيلماً تقدم للمشاركة في المهرجان تمثل 25 دولة عربية وأجنبية.
يقول الربيعي: " إن فكرة الفيلم تعتمد على عدم تقبل فكرة الموت بصورة عامة, وإدانة الحروب وآثارها على كل فئات المجتمع، من خلال الحديث عن يعقوب الذي تلاحقة أصوات المستنجدين والسائلين عن مصير أحبائهم في الحرب, والسؤال عن ما سيجري في عام 2026-في المستقبل، كنت أشاهده هكذا تماماً في هذه الكمية من السوداوية والألم في المناطق التي تسود فيها الحرب والدمار والقتل الجماعي, تخيل بأن ابنك او بنتك تنتظرك لتعود من العمل كي تجلب لهم الأشياء التي يحبون ولكن في ظل هذه الظروف مع الأسف من الممكن أنك لن تعود. أرجو أن تتحسن الظروف وتتم صناعة أفلام فيها نوع من الأمل".
وأضاف: "مواضيع أفلامي كلّها مأخوذة من الواقع الذي نعيشه، أي الحروب التي أهلكت شعوب العالم، وفي في (ترانزيت)، أريد القول إنّ ضحايا الحرب لا يعدون ولا يحصون، والأيام المقبلة ربما لن يكون فيها من يدفن جثامين الضحايا، رسالتي أنْ نوقف هذه الحروب."
وأشار الى "أنني في أفلامي السابقة تناولت الحرب بصورة مغايرة، عكس ما قدّمته السينما العالمية في أفلام الحروب. مثلاً، تستخدم هذه الأفلام الحروب، غالباً، كدعاية للفخر والانتصار، وإظهار جوانب عدّة، كالمقاومة العظيمة التي يقوم بها المقاومون، لكنّ (ترانزيت) يمثل إدانة للحرب عامة، بغض النظر عن المكان والزمان، وقد كتبه السيناريست ياسر موسى، من خلال أضابير الموتى المنتشرة في كل مكان، في قسم الإحصاء، وإمكانية الحصول على ملايين الملفات الخاصة بالذين غادروا الحياة من دون ذنب، سوى أنهم أناس عزل، ينتمون إلى هوية أخرى.. وتم بناء المكان بهذه الهيكلية، مع مُصمم الديكورات والمكياج الفنان بشار فليح، ولعب بطولة الفيلم أسعد عبد المجيد."
وباقر الربيعي مخرج عراقي، أنجز أفلاماً روائية قصيرة منذ عام 2009، منها: همسات الشياطين، والجانب الآخر، وصورة، والبنفسجية، وآخرها ترانزيت، وقد نالت نالت اهتمامَ نقاد ومتفرّجين، وشاركتفي مهرجانات عالمية عدة، ويعكف حالياً على تحقيق فيلم روائي طويل، يقدم فيه نظرة أخرى عن الحرب الأهلية التي استنزفت أرواحاً كثيرة في البلد.