29 Nov
29Nov

أ.د. عقيل مهدي يوسف

 في كتابه هذا، يستقصي الكاتب (د. محمد الكحلاوي)، الطرائق التي يعالج فيها الكتاب المسرحيون، العراقيون، أنماط الشخصيات التاريخية، سواء كانت مكتوبة، نثراً أم شعراً، في الذاكرة المجتمعية، الأدبية، متخذاً من (عيّنة) بحثه، نماذج (أعلام)، مثل (أبو ذر)، و(ابن ماجد)، و(محمد بن مقلة)، و(الخيزران)، و(الإمام الحسين) (ع) ولكل منهم (موضوعته) الخاصة، ليقابل ما بين الطبائع البشرية، عبر مراحل تاريخية، سابقة ولاحقة، ما بين (الاخيار)، وما يكابدونه من معاناة مأساوية، من قبل (الطغاة) وشرورهم. سيجد – القارئ الكريم- أن (كتاب الدراما) يقاربون الشخصية التاريخية، من منظور جديد نسبياً في طرح خصائصها، ومواقفها، وأسئلتها، تبعاً لما يقتضيه (النص الدرامي) من عناصر بنائية، فنّية، وصراع، ومذهب مسرحي خاص، وطبيعة تلك (الشخصيات) ببعدها (المعرفي)، المستنيرّ الحرّ، وتصديها لتلك القوى المستبدة، الهجينة بتحاملها وضغائنها، هذا ما يظهره تركيب الأحداث الدرامية، لتجسيد (الشخصية التاريخية) وما تتخذه من مواقف، ومنظور (قيمي)، لإبراز مآثر (البطل واعتداله) ومواجهة أعدائه، ومعارضيه بفطنة وشجاعة، تتصدى بنُبلها، لشجب مظالمهم السافرة، وتهافت حججهم الزائفة، بما تضفيه (المخيلة) المسرحية من إشراقات روحية، دينية، وإنسانية رفيعة بمحاجّة، عقلية شجاعة، تخصّ طبيعة (البطل) بجوهره، وإعراضه، بنزاهة، تتهافت أمامها تلفيقات (العدو)، باستبداده، وجوره.

 الصراع الدرامي- أيضاً- يخص (البطل) التاريخي، بالنبل والعطاء، ليشخصّ سعيه، بالرأي والحجة الشرعية، حتى لا تختل موازين العدالة، فهو بتقواه ورشده، لا يبحث عن حطام الدنيا، بخلاف (عدوه) الذي يهدر الحرمات برذائله ويدّخر المال الحرام، بإكراهاته العنصرية، وهذا ما تطلبه المسرح، بسّموه الى روائع (الحسّ) الفني الجمالي، لما يقدمه من (خلائق) بشرية، متسامية في قواعدها الأخلاقية، وصراعها ضد الرذائل والتخرصات الجانحة! أخذ الكاتب بمعاييره المنهجية الضرورة الخاصة بنيته الدرامية، في الحوار، والفكر، وتحولات الاحداث (....) مستعرضاً تعريفات (المنظّرين)- للشخصية، وفروقاتها الفردية بأبعاد فنية، واجتماعية وبيئية وسماتها الشخصية (الداخلية والخارجية)، التي اشتهرت بها، مثل؛ الكرم والشجاعة والبخل والجبن، وتقاطع الإرادات، البناءة والهدامة. 

ويبقى – البطل التاريخي- في (الدراما) مكافحاً، متخطياً، العقبات نحو هدفه، باشتباك مستمر مع (نقيضه). هنا يصل – (الكاتب) – من خلال تفكيك النصوص وتحليلها (الجوهري)، مميزاً ما بين السردية التاريخية (الخارجية) و(البنية الدرامية) وتركيبها ومضمراتها (الداخلية) التي يتلازم فيها، (الفرد- والتاريخ) كلّ يؤثر، ويتأثر فيها، بثنائية، دينامية، متطورة. 

فالمسرح يقتضي التركيز، بتماسك بنيوي لعناصره، وتدفقها المتصاعد بصراع، وتوظيف (الحادثة) التاريخية، ببعد (تكاملي) مع (طبيعة) البطل – تخصّ، ما يتطلبه النص الدرامي من (رصانة) إبداعية، جمالية. 

تخلص الى أن (د. محمد الكحلاوي)، اختزل عديد من المصادر والمراجع، بروح نقدية، موضوعية، وخلص الى نتائج واستنتاجات، تدلّ على تمرسّه المعرفي، الرصين، وقدراته المسرحية، في إطار معالجة الشخصية التاريخية، بجهد خلاق، يفيد منه المعنيون في المسرح.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن