بمناسبة الاحتفال بيوم المسرح العالمي الذي يصادف في السابع والعشرين من آذار مارس من كل عام ويحتفل به اعتاد مسرحيو العراق الاحتفال به مع كل المسرحيين في أصقاع المعمورة كتب كلمة نقابة الفنانين العراقيين بيوم المسرح العالمي هذا العام المخرج المسرحي الكبير الدكتور صلاح القصب وألقاها نيابة عنه نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي بالصورة والصوت، وتنفرد (المواطن) في نشر نصها الكامل مشاركة منها لمسرحيي العراق والعالم احتفالهم بهذا اليوم الخالد والسعيد ولما انطوت عليه من الرؤى والتطلعات والتوجهات المفعمة بالإبداع والجمال والفكر والدهشة لتطوف في فضاءات المسرح مزهرة بالعطاءات الخلاقة التي تكتسح القبح والعنف والفساد ..وفيما يأتي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
نور على نور
ايها المسرحيون سلاماً .. يا صناع الجمال ومهندسو حضارات ومدن العالم .. تحتفل قارات الكون في مثل هذا اليوم بيوم المسرح العالمي وبسحر طقوسه التي تحدق في فضاءات الجمال الخالد وتطفو فوق سماوات صافية تنشر أطياف ألوان متوهجة مشعة كالبروق.. ذهبية تعلو عنان السماء لأزمنة وطاقات ترددية موجها لا يتوقف لمركبات بلاستيكية لا تغيب.. لأزمنة تاريخية ورايات سلام شديدة النصوع وسحر طقوس.. لإحتفالات سرد شعرية لتشكل مسارات جديدة لطاقة متفجرة لمخيلة لا تهدأ.. رموز خالدة مرت عبر أزمنة طويلة مخرجون وكتاب مسرح كبار وممثلون وسينوغرافيون ونقاد.. إنهم خلاصة التاريخ وجوهرة الزمن.. هذه الرموز الخالدة قدمت عروضاً مبهرة مازال صداها حتى الآن حاضراً كبروق مشعة نشرت أضواءها فوق فضاءات قارات ملونة.. إنهم صدى مجد تاريخي وحضاري خالد
مر المسرح منذ انفجاره الضوئي الأول وعبر كل تلك القرون بأزمات واهتزازات جيولوجية وزلازل وبراكين مدمرة وحروب وأزمات سياسية مقلقة بأحداث أكثر حدة من الرعب والتي نشرت ظلالها وسحبها السوداء على تأملات المسرح وأحلامه.. لم تستطع كل تلك الكوارث والأزمات والضغوطات أن توقف عجلة المسرح الذهبية وأن تسدل ستائره المرتفعة وتسرق منه بوصلة الطريق.
لم تستطع أن تطفئ مصابيحه وثرياته المتوهجة وتحرق خرائطه وتمحوا أفكاره المشعة بالأمل وتاريخ هويته وثقافته التنويرية المتحررة من الخوف واليأس والخطيئة.. كان المسرح طوال كل تلك السنين أخاً للشمس وللجمال والفكر ولمساحات الحوار والتخاطب.. منح المدينة هويتها ومعماريتها الجليلة.. منحها أن تكتب الشعر وتقدم لوحات بصرية خالدة وروحاً متحررة تبحث عن مديات بعيدة وحركة بحث لا تتوقف.. منحها الحب والضوء والحرية وروحاً متحررة وموجاً وطاقة زمنية ترتفع بنا لقمم عالية.
يا أصدقاء الشمس .. ادخلوا عصر التكنولوجيا وعلوم الفيزياء الكمية وأحلام الدهشة التي شكلت فرضيات عروضاً جمالية لإحتمالات لا نهائية.. لا تستديروا للوراء.. حولوا فضاءات المسرح الى بحيرات موجها الشعر.. فكوا شفرات الخطاب وحرروا العرض من مساحته المربعة.. افتحوا فضاءات المخيلة.. انثروا الزهور قرب قاعات المسرح جمالاً وشعراً ودهشة.. قلصوا مسافات الزمن بين قارات العالم.. اكتشفوا فضاءات عروض مسرحية جديدة.. تحرروا من القلاع والاسيجة الآيلة للسقوط وحلقات التكرار والأطر الجاهزة.. ابحثوا عن الحداثة ورؤاها البعيدة.. ابحثوا عن الممثل الأثيري الساحر.. سلاماً لكل الاجيال عبر كل تلك القرون التي هندست هذا الصرح.. وليكن احتفالنا أخاً للانسان وللحرية وللضوء الذي يمنحنا سلاماً يسعد كوكبنا الارضي.. كل دورة شمس وأنتم الأرقى.
د. صلاح القصب
كتب ببغداد في 27/3/2023