كتب : د.ياسر البراك
إن إستعادة أحداث معركة الطف (61 هج) التي أستشهد فيها الإمام الحسين حفيد النبي محمد (ص) وآل بيته وأصحابه دفاعاً عن الإسلام عبر فعل التمثيل (التشابيه) يُعدُّ أحد مصادر قوة الثورة الحسينية ورسوخها في عقيدة ووجدان الإنسان المسلم، لأن فعل (المسرحة) الذي تخضع له أحداث التاريخ القديم يمنحها صيرورة مستمرة ويؤكد هويتها الإصلاحية، إذ أن الطائفة الشيعية تدافع عبر فعل الإستعادة السنوية للواقعة عن وجودها ومحاولة طمس هويتها العقائدية، فتصبح طقوس التعازي أحد المصدّات الفكرية والجمالية لمحاولات محو الذاكرة وتزييف الحقيقة التاريخية، وبحسب جان دوفينيو فإن "الجماعة تستعين بالمسرح ، كلما أرادت تأكيد وجودها، أو القيام بعمل حاسم يتعلّق عليه مصيرُها، وكلما كان البراكسيس Praxis أو التطبيق العملي، قبل كل شيء، عملاً من أعمال الخلق الجمعي على مسرح التاريخ."، ما يعني أن فعل التمثيل يتعدى في هذا الطقس الديني الحيوي مهمة التقرّب إلى مقامات سماوية للحصول على الأجر الأخروي، والثواب الدنيوي إلى مسألة أعمق من ذلك بكثير تتعلق بوجود الإنسان المسلم نفسه والحفاظ على عقيدته من الإندثار عبر فعل الخَلْق الجَمعي الذي يؤسس شروطه الفنية والجمالية القائمة على تجديد فكرة الثورة على الظلم بشكل مستمر في روح الإنسان المسلم وفكره ..