31 Oct
31Oct

المواطن - خاص 

أقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة استذكار لفارس العود المتصوف عازف العود الكبير  الرائد سلمان شكر بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده، شارك فيها نخبة من المعنيين بالموسيقى والمهتمين من مثقفين وفنانين من مختلف المشارب ، تضمنت قطعاً موسيقية على آلة العود قدمها الموسيقار سامي نسيم.

 وأدارها الباحث رفعت عبد الرزاق الذي قال: "سلمان شكر، شخصية موسيقية كبيرة في تاريخ الموسيقى العراقية، فهو العازف على آلة العود والباحث والاستاذ لأكثر من ثلاثين عاماً ومن مواليد ببغداد عام 1923 وقيل 1921 ومنذ وقت مبكر عشق الموسيقى وتتلمذ على يد الشريف محيي الدين حيدر، وهي نقطة مهمة في تاريخه الفني، ثم أصبح أستاذا متمرساً على آلة العود، وقدم الكثير من القطع والمؤلفات الموسيقية التي يشار لها بالبنان، كما أنه شارك في الكثير من المؤتمرات والمهرجانات ويستحق الحديث عنه في كل مكان وزمان".

 الموسيقار سامي نسيم، قدم قطعاً موسيقية على آلة العود، فضلاً عن قطع أخرى رافقت أحاديث المتداخلين، حيث ذكر "أنا من المحظوظين مرتين، مرة لأني درست لدى أحد كبار قامات العراق وهو الموسيقار غانم حداد وهو أحد تلاميذ الشريف محيي الدين حيدر، ومحظوظ مرة أخرى لأني رأيت سلمان شكر والتقيته أكثر من مرة، وهو ظاهرة لن تتكرر من ناحية الشخصية العامة وما تمتلكه من كبرياء جميل، ويملأ بحضوره المكان وحين يتحدث كأنك تستمع الى حقبة زمنية أخرى في كل نواحيها لاسيما حين يتحدث عن الموسيقى".

مضيفاً إن "سلمان شكر لا يعزف في أي مكان ويختار أماكن عزفه بعناية، وهذا الأمر أضاف لشخصيته وموسيقاه الكثير، وهو يمثل حقبة زمنية بكل جمالياتها". أما الناقد الموسيقي حيدر شاكر، فقال: "هذه المرة الثالثة يستذكر فيها بيت المدى الموسيقار العراقي العربي والعالمي أستاذنا سلمان شكر"، مضيفاً "الأستاذ سلمان شكر كان يدرس في المعهد وطلبته لا يتجاوز عددهم ثلاثة وكانت عيوننا على الأساتذة ونتأثر بهم وطرق تدريسهم وحتى ملابسهم، كان أقرب اصدقائه حينذاك الموسيقار سالم حسين ويلتقون في غرفة الأساتذة، دون أن يخالطا بقية الأساتذة". 

متابعاً "كرس حياته لدراسة الموسيقى العربية في العصرين العباسي والأموي وما كتب عن الموسيقى من خلال فلاسفة العرب الفارابي والكندي والأرموي وله مقال شهير في هذا الموضوع يناقش آراء هذه الأسماء "، لافتاً "ينظر الى موسيقى المغرب العربي تحديداً، وحينما سئل في أحد الحوارات، قال نحن تراجعنا 500 عام عن الموسيقى ويعزو هذا السبب للاحتلالات التي مرت على العراق أحرقت الإرث وكذلك الفيضانات التي شهدتها بغداد وخسرنا بسببها الكثير من المؤلفات والمخطوطات، بينما قال إن الموسيقى في المغرب العربي استمرت لأن تراثهم الموسيقي بقي ولم يتلف،  ولديه العديد من المؤلفات، واستطاع من خلال ثقافته الموسيقية العالية توظيف الموسيقى العالمية في موسيقاه واستنبط من التراث العراقي الكثير من القطع الموسيقية، وكان له دور كبير في الخماسي الوتري العراقي". 

أما الباحث في الشأن الموسيقي د.عبد الله المشهداني، فقال "الموسيقار سلمان شكر تعرض في فترة شبابه، كباقي الفنانين العراقيين آنذاك، وخصوصا في النصف الاول من القرن المنصرم، للاضطهاد العائلي لكل الابناء الذين يودون الانخراط في المجال الفني، وتحديداً الغناء والموسيقى، ولذلك كزملائه كان ينزوي في مكان بعيداً عن انظار ومسامع العائلة للتمرن على الآلة التي يمارسها في حينها".

وأضاف، انه "قبل تأسيس المعهد الموسيقي عام 1936 من قبل الشريف محيي الدين حيدر، كانت هناك محاولة للرائد الموسيقي حنا بطرس في تأسيس جوق موسيقي لآلات مختلفة، شرقية وغربية، وانخرط سلمان شكر في هذا الجوق عازفاً على آلة الكلارنيت، وكان الغرض من هذا الجوق الموسيقي النهوض بالمستوى الموسيقي في العراق الى الحداثة والمعاصرة، وكانت النواة الحقيقة للفرقة السيمفونية العراقية".

 وبين أنه "بعدها دخل الى معهد الموسيقى عام 1936 لكنه لم يتخرج إلا عام 1943 بسبب تركه المعهد لأسباب عائلية، وتدخل الشريف محيي الدين شخصياً لتسوية هذه المشكلة فعاد وتخرج ومن ثم عين أستاذاً في المعهد واستمر طويلاً، وتخرج على يده أساتذة كبار ومن بينهم الأستاذ علي إمام وحاج معتز صالح البياتي، وهما يذكران أن سلمان شكر يخطو خطوات الشريف محيي الدين في أسلوب عزفه ولم يترك هذا الاتجاه وهذا النمط وحافظ عليه والتزم بديمومته".

 فيما قال التدريسي والخبير الموسيقي محمد لقمان، إن "العام 1936 يشكل منعطفاً مهماً في تاريخ الحركة الموسيقية التأسيسية الحقيقية في العراق، وقبل ذلك لم تكن لدينا معاهد موسيقية وإنما اعتمدت الحياة الموسيقية على المقام العراقي والغناء البغدادي والريفي".وأضاف "أصبحت لدينا مدارس متعددة أنتجها المعهد، ومن بينها المدرسة الصوفية وأستاذها الشريف محيي الدين، فضلا عن المدرسة العراقية التعبيرية وكان الفنان جميل بشير مؤسسها، وفي جانب التأمل والانفتاح كان منير بشير".

وأكد إن "الذي يتتبع تاريخ سلمان شكر يجده حافلاً وكان يمثل العراق في كل المحافل الدولية والعربية، فضلاً عن عمله مستشاراً في وزارة الثقافة".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن