04 Apr
04Apr

كتب : د. محمد فلحي


شهر رمضان الكريم شهر الصيام والزهد والتوبة ،الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس،تحول بين ايدي الناس الى شهر الإسراف في الطعام والتسلية واللهو، في تناقض عجيب بين السماء والأرض!

مسلسلات التلفزيون تزدهر في سوق رمضان وتتسابق القنوات في تقديم عروضها الدرامية، بين المتعة والرسالة القيمية والفكرية ، فكل مسلسل يمثل رسالة موجهة من كاتبها ومخرجها ومنتجها لشريحة من الناس بقصد الكسب المعنوي والمادي والتأثير.

مشكلة الدراما في كل الاوقات وليس في شهر رمضان فحسب انها تخضع للتقييم الفوري من قبل الجمهور المتلقي، وذلك بعد ان تجتاز غرابيل(فلاتر) حارس البوابة، فيأتي رجع الصدى سلبيا او ايجابيا، وقد ترتفع نجوم او تسقط نيازك في أنظار جمهور من الصعب ارضائه جميعا!

الدراما مثل واقع الحياة تزخر بالشخصيات والاحداث والاماكن والازمان ، الحقيقية او المتخيلة، وينبغي النظر لكل عمل درامي بشخصياته او احداثه على أنه رسالة محددة بظروفها وحيثياتها وليست قابلة للتعميم!

ليس كل شخص طيب او مجرم في المسلسل يعني ان كل الناس مجرمين او طيبين، وليس كل تمثيل لشخصية سياسي فاسد او تاجر محتكر او طبيب او شيخ او ضابط سيء ان جميع هذه العناوين سيئة في الواقع مطلقا، فهذا التعميم يقتل اهم عنصرين في الابداع الدرامي:

الحرية

والتقويم…

الابداع في ظل الحرية يصبح وسيلة نقد وتقويم واصلاح،

اما المنع والكبت فيقتل روح الدراما كما يحصل في ظل الحكومات المتجبرة او المجتمعات المتحجرة!

مسلسل (دفعة لندن) في قناةmbc مثلا ارتكب خطأ فادحا في بث رسالة خاطئة بقصد الاساءة لشعب العراق، من خلال ترميز شخصية الخادمة، وكان الصدى سيئا، ولو تمادت القناة اكثر في بث مسلسل( معاوية) لكان الصدى مدويا والنتائج وخيمة، ولكن يبدو ان اصحاب القناة  قد قدروا ان رد الفعل المتوقع سيمثل خسارة لهم، فحفظت سيرة معاوية في ادراج التاريخ!

مسلسل( العشرة) في قناة الرابعة Al Rabiaa TV كسب قلوب الناس ودغدغ مشاعرهم بشخصيات وأحداث جسدت وقائع الصراع الدامي بين الفكر المتطرف وسماحة الإسلام الحنيف ورسالة السلام والمحبة والتسامح التي تشوهت بأيدي عناصر الارهاب والتكفير والعنف.



محنة الدراما اليوم أن المؤلف يجد نفسه محاصرا في منطقة الاشتباك الخطر بين السياسة والدين والأعراف الاجتماعية، ومهما حاول المبدع ان يكون محايدا وموضوعيا لا يمكن ان ينجو سالما، كما ان الدراما ليست تأليف او اخراج فحسب، بل تمويل واشراف وتوجيه وتجارة وشطارة!


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن