في السابع من رمضان كل عام يحتفل الأزهريون باليوم العالمي للأزهر، حيث إنه اليوم الذي أسس وأنشيء فيه هذا الصرح العالمي الكبير، الذي يعد من أهم معالم وقلاع مصر الحضارية والذي تجاوز ألف عام، وبهذه المناسبة، استعرض احد شيوخ الازهر في مقال مطول رحلة داخل الازهر، والاروقة التي تقسم حسب جنسية واحيانا مذاهب مرتاديها، ومن بينها مايتعلق باكراد العراق، ورواق البغدادية.
ويقول الشيخ الازهري عصام تليمة، ان "الحديث عن الأزهر يصعب لكثرة تفاصيله، ولكنا سنخصص الحديث هنا بإيجاز عن أروقة الأزهر، فمن دخل الجامع الأزهر سيجد عند دخوله لافتات على بعض الجدران باسم: رواق الأتراك، رواق المغاربة، وهكذا، فما قصة هذه الأروقة وما دورها في تاريخ مصر والأزهر؟"
ويضيف ان "الأروقة الأزهرية هي موضع إقامة طلاب الأزهر، وهو أشبه بما نعرفه في المدارس الحديثة بالمدرسة الداخلي، التي يدرس ويقيم فيها الطالب، وبنظرة إلى الخريطة الجغرافية لأروقة الأزهر، يتضح بإنصاف مدى قوة الدور المؤسسي للأزهر، سواء على المستوى المحلي داخل مصر، أو المستوى العالمي خارجها، حيث تنقسم أروقة الأزهر إلى قسمين مهمين: أروقة للمصريين، وأخرى لغير المصريين".
رواق الصعايدة: وهو مخصص للطلبة من وجه قبلي (الصعيد). ورواق الشرقاوية: وهو مخصص للطلبة من إقليم الشرقية. ورواق البحيرة أو البحاروة: وهو مخصص للطلبة الوافدين من مدن وقرى إقليم البحيرة. ورواق الفيومية: وهو يستقبل الطلبة الوافدين من إقليم الفيوم.
ورواق الأكراد: وهو مخصص للطلبة الأكراد الوافدين من شمال العراق، وبلاد الشام، والأناضول، وغيرها. ورواق البغدادية: وهو للطلبة الوافدين من العراق، والبحرين، والكويت، وكان يطلق عليه أحيانًا رواق البغادة. ورواق الهنود، وهو مخصص للطلبة الهنود، بما يشمل الهند بمكوناتها قبل التقسيم: الهند، وباكستان، وبنجلاديش. ورواق السنارية: وهو مخصص للطلبة الوافدين من إقليم: سنار في السودان. ورواق الصين ورواق جنوبي إفريقية: وهما رواقان صغيران، للطلبة الوافدين من هاتين المنطقتين.
رواق الشوام: وهو مخصص للطلاب الوافدين من بلاد الشام، بالمعنى التقليدي القديم للشام، ويشمل حاليًا بلاد: فلسطين، ولبنان، وسوريا، والأردن. ورواق المغاربة: وهو مخصص للطلبة الوافدين من برقة، وطرابلس، وتونس، والجزائر، ومراكش (بلاد المغرب الآن). ورواق الأتراك: وهو مخصص للطلبة الوافدين من البلاد التي تسمى الآن: الجمهورية التركية، ويوغوسلافيا، وألمانيا، وكذلك من الاتحاد السوفيتي، وتركستان.
ورواق الحرمين: وأطلق عليه رواق المكاويين، تشريفًا لاسم مكة المكرمة، وهو مخصص للطلبة الوافدين من مكة المكرمة، ومدن الحجاز مثل: المدينة المنورة، والطائف، وجدة، وينبع وغيرها. ورواق اليمنية، وهو مخصص للطلبة الوافدين من اليمن.
ورواق البرنية: وهو مخصص للطلبة الوافدين من بلاد: السنغال، والنيجر، وغينيا، وساحل الذهب (العاج)، وغانا. ورواق الجبرتية: وهو مخصص للطلبة الوافدين من: الحبشة، وإريتريا، والصومال. وإلى هذا الرواق (الجبرتية)، ينتسب المؤرخ المصري الكبير: الجبرتي. ورواق البرابرة: وهو مخصص للطلبة الوافدين من موريتانيا، وما جاورها من أقاليم.
ورواق السليمانية: وهو مخصص للطلبة الوافدين من أفغانستان، ولذلك أطلق عليه فيما بعد: رواق الأفغان. ورواق الجاوة: وكان مخصصًا للطلبة الوافدين من: إندونيسيا، والفلبين، وماليزيا. ورواق الدكارنة: وهو مخصص للطلبة الوافدين من بلاد تكرور، وسنار، ودار فور. ورواق دكارنة صليح: وهو مخصص للطلبة الوافدين من إقليم تشاد في وسط إفريقية.
ويتابع، أن "الناظر لهذه التفاصيل لهذه الأروقة، ولدورها، ولمن يدرسون فيها، من حيث التقسيم الجغرافي، والمذهبي، والعرقي واللغوي، سيجد أنه لم يترك بقعة من بقاع العالم الإسلامي إلا وفتحه لأبنائه من طلبة العلم الشرعي، وهو ما يعني شبكة قوية جدا من القوة الناعمة، من حيث التأثير والتواصل على مستوى العالم".
ويوضح انه "قد تجاوز بذلك أن يكون مؤسسة محلية، أو صغيرة الحجم، يقف دورها عند رسالة العلم، ولو قام بها وحدها لكفاه، بل تنوع دور الأزهر، بين العلمي، والثقافي، والسياسي، والاجتماعي، والمالي، والمحلي والإقليمي، والعالمي، ولكنه امتدت إليه يد السلطة في القرن العشرين فأفسدت دوره العلمي والرسالي".
وكان نظام الأروقة نموذجًا للتربية السياسية للدارس في الأزهر، من حيث النظام والإدارة، إضافة إلى الجانب العلمي، فقد كان نظام الأروقة أن لكل رواق شيخًا بمثابة رئيس له، يدير شؤونه، وينظم أوضاع أفراده من جميع النواحي التي تعين على أداء الرسالة العلمية للأزهر وطلابه، ومنها الجانب الأخلاقي.
وشيخ الرواق له نفوذ يستند إلى مكانته عند الأزهر وطلابه والمجتمع، فهو يتصل مباشرة في أي مشكلة بشيخ الأزهر، أو بالمسؤولين في الدولة آنذاك، بحسب المسميات الإدارية.
وهناك أروقة تنسب للمذاهب: كرواق الأحناف، ورواق المالكية، ورواق الشافعية، ورواق الحنابلة، وهناك أروقة أخرى تحمل أسماء لا تتعلق بالأماكن، ولكنها أروقة خاصة بالطلبة المصريين مثل: رواق الفشنية، ورواق الشنوانية، ورواق الأقبغاوية، ورواق ابن معمر، والرواق العباسي.