24 Jul
24Jul

كتب :عبد العليم البناء

 نلاحظ، ومعنا كثيرون، أن هناك كتابات تسمى نقدية وهي لا تتسم سوى بالانطباعات العامة التي تفتقر للتحليل النقدي والفهم الواعي للدراما التلفزيونية وسواها من فنون الإبداع، نظراً لأهمية النقد الدرامي في النهوض بمستوى ونوعية وجودة الأعمال الدرامية العراقية تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً وانتاجاً وتقنيات، حيث تبرز الحاجة الى دور ومهمة الناقد الفني في تقييم الأعمال الدرامية والتعريف بسلبياتها وإيجابياتها معاً. 

وفي هذا السياق صدر للناقد رضا المحمداوي الذي يعد أحد (حراس المشهد الدرامي التلفزيوني في العراق)، كتابه الموسوم (جمرة النقد المتوهجة- كتابات نقدية في الدراما العراقية)عن شبكة الإعلام العراقي، وجاء في 346 صفحة من القطع الكبير.. 

رضا المحمداوي يمتاز بخلفية ثقافية وفنية متنوعة ومتعدد الاهتمامات، فهو مخرج تلفزيوني وسينمائي، وناقد وشاعر له ثلاث مجموعات شعرية، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الإخراج السينمائي من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد.وعمل منذ العام 1991 مساعد إخراج، ومخرج منفذ، وأنجز العشرات من المسلسلات الدرامية التلفزيونية مع العديد من المخرجين الرواد، من أبرزها: ذئاب الليل، شقة مقابل شقة، أبو جعفر المنصور، وأخرج عدداً من المسلسلات التلفزيونية بينها: (حكايات)، (من شذى عطر النبوة)، (عبود في رمضان)، (الصيف والدخان)، (حرائق الرماد)، وبدأ كتابة النقد منذ العام 1983، وكانت له زاوية نقدية تحمل عنوان (على شاشة التلفزيون)، ظل ينشر تحتها كتاباته قرابة 35 عاماً في مجلة (فنون) وغيرها من المجلات والصحف، انتهاءً بجريدة (الصباح) التي صارت تنشر زاويته أسبوعياً.


ووفقاً لهذه الخلفية العملية والابداعية استطاع الزميل رضا المحمداوي أن يقدم قراءات نقدية رصينة لكثير من الأعمال الدرامية – ومازال - بحرفية ومهنية عالية وبجرأة عالية يحسده عليها كثيرون، وتسببت له بتقاطعات كثيرة مع منتجي وصناع هذه الأعمال يلحظها القاريء الواعي دون عناء.

 ولا أدل على ذلك سوى تأكيد الناقد العراقي الكبير المخضرم ناطق خلوصي، الذي كتب تقديماً مهما للكتاب أكد فيه: "إن ما يميز رضا المحمداوي عنا، نحن الذين  مارسنا النقد التلفزيوني، أنه يجمع بين الوعي النقدي والتحصيل الأكاديمي، والإلمام بآليات العمل التلفزيوني بحكم ممارسته الفعلية الطويلة من خلال عمله مُخرجًا في التلفزيون بعد تخرجه من قسم السينما في كلية الفنون الجميلة.. لقدأكسبه هذا العمل خبرة مضافة وأهله لأن يكون ناقداً رصيناً ترفده لغة  الشاعر التي يتوفر عليها، ويأتي هذا الكتاب مثالا على ذلك". 

مردفاً:"إن رضا الممحمداوي كان واضحاً كـ(القابض على الجمر) وهو يؤشر مواطن القوة  ومواطن الضعف في الأعمال التي تناولها دون أن يجامل أحداً من زملاء العمل في دائرة واحدة، وهي خصيصة تمنحه القدرة على قول الحقيقة دون مواربة أو تردد حتى وإن كان عرضة لاستياء القريبين منه، وهذا هو مايفترض في الناقد الموضوعي الحريص على اسمه وتاريخه الابداعي." 

ومصداقاً لذلك كتب الناقد التلفزيوني والسينمائي والأكاديمي الأستاذ الدكتور صالح الصحن، في مقدمة الكتاب التي جاءت تحت عنوان (هذه الجمرة المتوقدة) عن تجربة رضا المحمداوي النقدية "التي لاتخلو من جرأة بالغة في تبني المعايير اللازمة في تحليل العمل الفني، فقد ناقش كثيراً المتن الحكائي، وأصول وبناء الحبكة، وطرائق السرد التلفزيوني، مشخصاً مواطن الترهل والإفاقة معاً وبما يتصل بحلبة الإيقاع التي يرغب بها أن تكون متوثبة بفعل ضربات الأفعال وحسن نسيج الأحداث.."

 مشيراً الى أنه (المحمداوي) قد ابتكر محطات جدال في المقاربة بين أعمال الكاتب أو المخرج السابقة والحالية ومدى حجم التطور أو التراجع الذي اتسمت به في البناء والصنعة والجمال"،  ليخلص الى أن مقالات الكتاب النقدية كانت عبارة عن " قراءات موضوعية اتخذت من المعيار الفني حجمه في التحكيم وتثبيت الانطباع". 

وفي مقدمته للكتاب التي كانت بعنوان (كلمة لابد منها) أكد رضا المحمداوي أنه قد واكب مسيرة الدراما العراقية "ناقدا يافعا منذ عام 1983 وهو العام الذي شهد ظهور أول مادة نقدية درامية باسمي المتواضع حينما كنت طالبا على مقاعد الدراسة الفنية في كلية الفنون الجميلة – قسم السينما ، وبعد تخرجي منها بسنوات دخلت الحياة الفنية عام 1991 موظفا في دائرة الاذاعة والتلفزيون ....وبدأت بالعمل في قسم الدراما التلفزيونية في (تلفزيون العراق)، موضحاً " ولم يكن من السهل أن تجمع بين تفاحة النقد الفني وتفاحة العمل الدرامي الاحترافي بيد واحدة. ذلك لانك قد عرفت أسرار المهنة، واكتشف خباياها"، الأمر الذي دفع البعض الى تفسير كتاباته النقدية الجريئة والواضحة والشفافة على أنها "هتك لأسرار العائلة" والنظر إليه على أنه "الإبن العاق لتلك العائلة الفاضلة".

 لقد استطاع رضا المحمداوي بكتابه (جمرة النقد المتوهجة) الذي أضاء نقديا نخبة من الاعمال الدرامية العراقية على مدى عقدين من الزمن أن يقدم اضافة نوعية رصينة للمشهد النقدي ولصناع الدراما العراقية التي ينتظرها الكثير لمنافسة الدراما العربية، وفي المقدمة جودة الإنتاج وما أدراك ما الإنتاج...!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن