كتب : عدنان طعمة
اعترف ان ذاكرتي قوية،
لكن تختزن ذكريات الالم وحوادث الماضي المؤلمة بقسوة التي عصىرت نفسي وانا اشاهد حلقات من مسلسل العشرة..
حضرت ذاكرتي في هذا المسلسل البكائي واستدعت ذاكرتي تفاصيل احداث تركت اثرا مؤلما في نفسي، ولم تفلح الايام ولا السنون ولا شغفي بقراءة كتب المعرفة المستمرة ولا القائي للمحاضرات في حرم الكلية، في محو اثارها...
وكنت ولازلت اتمنى على ذاكرة الالم هذه ان تخطىء ذات مرة وتنسى هذه الاحداث المؤلمة او على الأقل اعقد معها اتفاق ان تنسى شيء من تفاصيل هذه الذكريات لما لها من وقع ثقيل موجع على النفس، ولما لها من اثار مؤلمة ممتدة من لحظات وقوعها وحتى لحظة كتابة هذا الموضوع..
يقول انشتاين ، أن الزمن يظل في التباطؤ، حتى يتوقف، ويصل إلى المقدار صفر، ببلوغ سرعة الضوء الهائلة، بل ويمكن تجاوز حاجز الزمن بتجاوز سرعة الضوء، لتنطلق عقارب الساعة في التحرك بالعكس، والسفر إلى الماضي..
هكذا كان شعوري نسبيا في سفرة قصيرة الى احداث الماضي في مقبرة الشهداء الصغار في النجف، مركز اجتماع الموتى القادمين من المدن الشهيدة..
كنت احاور ابني الشهيد سجاد في قبره الغض والانيق بأناقة روحه وقلبه الصغير..
واذ بصوت شابة صغيرة وجميلة دون العشرين من عمرها وهي تصرخ،سجاد، سجاد، سجاد، منذ نزولها من درجات بوابة المقبرة، وما من طريق أكثر ألما من ذلك الطريق القصير الذي تمهده قدماها وحتى وصولها الى القبر...
حضنت القبر كما تحضن الام مرضعها، وهي تناديه كما تنادي الام وليدها:
تقول له: يا ماما، كيف تخلف وعدك لي وتهجرني الى اللاعودة؟..
من بقى لي كرجاء في هذه الدنيا وانت من حطمت اليأس في حياتي؟..
يا سجاد من لي غيرك بعد اليوم؟
ولما شعرت هذه الشابة الجميلة بوجودي وانا في وضع الجلوس والنظر لها باستغراب ودهشة، حدقت في وجهي والدموع تغرق وجهينا، دموع تنزف الما على وداعات وغياب وفقدان وخسارة شاب مظلوم في حروب لا تنتهي..
قطعت نظراتها دون ان تنبس ببنت شفة وغادرت المكان نحو امراة كبيرة السن كانت بانتظارها...
تأكدت بشكل لا ريب فيه انها حبيبته وان ولدي سجاد يختبيء في قلبها كما تختبيء النواة في قلب الأرض...
هل احدثك عن قصة أخرى يا الاء؟
أم ان منبع الدموع قد جف...