زاهد البياتي
ما اجمل ان ترى صديقك العراقي يرتقي سلم النجاح ويبدع خارج أسوار الوطن ..
بركان حسين عمشة فنان عراقي تركماني عشق الرسم والزخرفة والخط العربي منذ طفولته في موطن فن الفخار العراقي ( طوز خورماتو ) التي ولد فيها وأنهى دراسته المتوسطة ، فشد رحاله الى بغداد العاصمة لتعزيز موهبته بالمعارف الفنية على يد كبار الخطاطين والفنانين التشكيليين العراقيين امثال الخطاط صادق الدوري وحميد السعدي في معهد الفنون الجميلة.
في عام 1986 تخرج من المعهد وكان التجنيد الإجباري بانتظاره ، ليساق إلى جبهات الحرب العبثية.
فشد الرحال إلى ايران ثم إلى تركيا هاربا من أتون حرب احرقت اعمار ملايين الشباب متأبطا موهبته وطموحاته ، باحثا عن بيئة ملائمة لاطلاق موهبته، والبوح ما بداخله من خلجات ابداعية محبوسة ..
فكان عالم تزيين المساجد والقاعات الفخمة بالزخارف والخط العربي إلى جانب تغليف القبب والمنائر محطته الاولى التي صب فيها بركان الفن الذي كان يتأجج في أعماقه .
بعد نحو خمس سنوات من العمل المضني الجاد تبلورت موهبته المستمدة من فنون ارض الرافدين من خلال تجربة مزجها بالفنون المستمدة من العهدين السلجوقي والعثماني، ليصبح رقما في أوساط هذا الفن ، وصاحب بصمة فنية قابلة للتطور يوما بعد آخر .
في عام 1992 قام بتأسيس محترف (الأعمال الذهبية ) كنقطة انطلاقة الى عالم الاحتراف من اوسع ابوابه بهدف تحقيق ذاته ، من خلال تحقيق مئات الاعمال الفنية ( تصميم وتنفيذ الزخارف الاسلامية والخطوط العربية وملحقاتها من اعمال الديكور والتشطيبات الداخلية للمساجد وقاعات المباني والفنادق الفخمة إلى جانب تغليف القباب والمنائر ) ليس في داخل تركيا فحسب وانما في عشرات الدول الغربية والشرقية والعربية .
خلال ثلاثة عقود استطاع انجاز أعمال تغليف القباب والمنائر من الخارج والزخارف والخطوط من الداخل لنحو 330 مسجدا ، تتوزع على 38 ولاية تركية فيما انتشرت إنجازاته في 22 دولة عربية واوربية وآسيوية .
انجز في المانيا وحدها نحو 40 مسجدا اضافة الى عشرات المساجد في كل من استراليا - موسكو - جورجيا- اليونان - هولندا - النمسا - إسبانيا - النروج - فرنسا - ألبانيا - مقدونيا - قبرص.
اما عربيا فقد انجز اعمال مسجد شيخ زايد دبي — مسجد الكويت -مسجدي بنغازي وطرابلس في ليبيا .
في حين انجز العديد من المساجد في
- قيرغيزستان - قازاغستان - أذربيجان - باكستان ، وغيرها
سألت صديقي ( بركان )الذي يحل ضيفا بيننا هذه الايام عن ابرز أعماله التي يفخر بها ، اشار إلى مسجد كولون الذي يعد أكبر مسجد في المانيا واوربا قاطبة ، المشيد من قبل الاتحاد الإسلامي التركي بكلفة 40 مليون يورو والذي أعتبر (ايقونة كولون ) نظرا لتصميمه المعماري الحداثوي الذي يرمز الى انفتاح الإسلام على الاخر ، من تصميم المعماري العالمي بول بوم ،
المسجد عبارة عن تحفة معمارية معاصرة تم تشييده بالإسمنت والزجاج ويصل ارتفاع مئذنته إلى 55 مترا، ويبلغ قطر قبته 36 متراً ومساحته 4500 مترمربع ما جعلني ان اخرج بكل ما في داخلي من عمق وتجربة لأترجمها على الجدران والسقوف الداخلية للمسجد بلغة معاصرة تتماهى مع جماليات التصميم ، وفخامة البناء بحيث تم إفتتاحه من قبل الر ئيس التركي اردوغان عام ٢٠١٨.
يقال بان النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك.. امام هذا الفنان المثابر المبدع ليس لنا سوى ان نفتخر به وبأمثاله من المبدعين الذين صنعوا لأنفسهم اسماء لامعة خارج الوطن كل في مجال اختصاصه، ينبغي الاستفادة من خبراتهم ولمعانهم في البلاد الاخرى ، كونهم سفراء بلادنا في عراق يخدش وجهه الجميل أخاديد الارهاب والفساد .