كتبت : د. رؤيا حميد ياسين
في لحظات متصورة تعانقت الأرض مع السماء حين هب الممثلون يصورون فاجعة يصعب وصفها . فاجعة أحدثت تأثيراً مؤلماً وكبيراً على النفوس حادثة استشهاد الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم فاجأه الغدر بأيد مسمومة أرادت أن تسكت صوت الإمام اللامع الذي لم تستطع أن تسكته أي قوة في الأرض صوت هادر ملئ بالعفة والشجاعة والشرف. صوت أسس للصدق مكانة خالدة هو صوت الإمام الفتي الذي صدحت به أرجاء الكون حين انطلق بقدرة ربانية ليكون رمزاً من رموز العدالة والوفاء للانسانية، وإذ كان المطر يتساقط على الحاضرين للاحتفال بحزن عميق على استشهاد سيد الكلمة الصادقة والحنو على الفقراء والدعوة الى العدالة والتكامل الاجتماعي ظلت السماء تتعانق مع الارض بأيام ممطرة شبت فيها رائحة الزمان .. الزمان الذي لم ينته. زمان عمرته روح التضحية والولاء لرسالة محمد سيد الأنبياء..إنه حدث مهيب يتطلع اليه المحبون في عمل درامي تراجيدي يتجلى بصيحات أهل الحب للامام النبيل الذي سجدت لاسمه شخصيات من مختلف المجتمعات اعترفت بحضوره الانساني الجميل عبر تاريخ طويل يمتد بين الافئدة والقلوب النابضة بالوجدان صوت عليّ فوق الاشهاد ينبض نبض القلب في وجدان النبيل الأكرم الذي حقق نصراً لا يضاهى في إعلاء حياة الانسان وتمظهره امام الوجود الراقي المؤمن بالخير الأعم والحب الأنعم.
ولعل ما شاهدناه في مسرحية (الأجل حارس) التي قدمها طلبة وأساتذة كلية الفنون الجميلة بهذه المناسبة المشرفة كتبها الاستاذ الدكتور حميد صابر الذي عرف بأسلوبه المميز في كتابة المسرحية التراجيدية واخرجها الدكتور الفنان سنان العزاوي الذي شكل اخراجه لهذه المسرحية انعطافة جديدة في التمثيل بأجواء الفضاء الحر وكان بذلك قد انشأ نمطاً جديداً في اخراج المسرحية التي تربط بين الحدث التراجيدي والتعبير الحر، إذ كان العمل أنموذجا للابداع المسرحي ونبوغه في كلية الفنون الجميلة التي حظيت بمكانة متفوقة في المسرح العراقي المعاصر على ما قدمته من أعمال باسقة تجلت بمسرحية مثلت استشهاد الأمام علي عليه السلام بأسلوب درامي مبتكر شكل قفزة في المسرح الجماهيري وما تراءى فيه من روح الانضاج التعبيري وبلاغة المشهد الذي عبر عن عظمة المناسبة وسموها وتضافرت على انجازه مجموعة من الفنانين المبدعين، إذ برع الممثلون بدورهم التراجيدي الذي سجل تجربة جديدة في المسرح العراقي وأفصح عن حالة فريدة بين علو المناسبة والاداء الذي تجلى بالخشوع والايمان بالله جلت قدرته، وكان للفنان الدكتور جبار خماط حضور بارز بأداء الدور الذي أسند له تضافرت على انجاحه عوامل عدة كالصوت والخطابة والتأثير الايحائي،ولعل من المفيد أن نذكر بأن العمل المسرحي اكتمل ابداعياً في العديد من الجوانب التقنية كالإضاءة والصوت والموسيقى والازياء كما اكتمل العمل بفهم موضوعي جاد للمناسبة وجعله أنموذجاً متفرداً في التأليف والاداء والاخراج مما كان له الأثر البالغ على اعجاب المشاهدين الذين بلا شك شاهدوا عملاً مسرحياً ذا طابع تراجيدي وتاثيري مثيراً للاعجاب والجدل.