كتب – عبد العليم البناء
كما هو متوقع بل وكما هو معروف عن مبدعي المسرح العراقي عبر حضورهم النوعي المتميز والفاعل في مختلف المهرجانات والمؤتمرات والملتقيات والورش والندوات المسرحية العربية والدولية، حيث يؤكدون – دوماً - جدارتهم واقتدارهم باعتبارهم صناعاً للجمال والإبداع، حصد مبدعوالمسرح الجوائز المراكزالمتقدمة، في النسخة الرابعة عربياً والأولى دولياً لمهرجان الدن المسرحي الدولي الذي أقامته فرقة الدن للثقافة والفن بمدينة مسقط في سلطنة عمان، وانطلقت فعالياته في الثاني والعشرين واختتمت في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الثاني أكتوبرالماضي، الذي احتضنته الجمعية العمانية للسيارات في مدينة مسقط العمانية، تحت شعار (أهلاً بالعالم في سلطنة عُمان)، وتضمن عروضاً في مسابقات مسرح الكبار، ومسرح الأطفال، ومسرح الشارع وفعاليات متنوعة شملت ندوة فكرية ووورش وندوات تطبيقية وغيرها.
لقد استطاع مبدعو المسرح العراقي التفوق والتجاوز من خوض منافسة إبداعية شريفة مع مبدعي 31 دولة عربية وأجنبية، وشملت الكويت والأردن وتونس والمغرب ومصر وسوريا، إلى جانب فرق من إيران وإسبانيا وكازاخستان والهند وألمانيا وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة، ليخرجوابهذهالحصيلة الوافرة من الجوائز والمراكز المتقدمة في مسابقتي مسرح الكبار ومسرح الشارع، فضلاً عن المشاركة الفاعلة في الفعاليات الثقافية المتعددة للمهرجان، من خلال حضور مميز لعدد من الفنانين والباحثين والنقاد والناشطين المسرحيين الى جانب أقرانهم من العرب والأجانب.
ففي مسابقة مسرح الكبار حصدت مسرحية (خلاف) تأليف وإخراج الفنان المبدع مهند هادي، ومن إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة والسياحة والآثار، الجائزة الكبر للمهرجان (جائزة أفضل عرض متكامل)، فضلاً عن جائزة أفضل ممثل للدكتور هيثم عبد الرزاق، وجائزة أفضل ممثلة للدكتورة سهى سالم.
ومسرحية (خلاف) من تأليف وإخراج الفنان مهند هادي، وبطولة الدكتورهيثم عبدالرزاق، والدكتورة سهى سالم، ومرتضى حبيب، ومعهم علي عادل السعيدي، حسين أمير، علي صباح وأسامة خضر، وتتحدث المسرحية عن حكاية (أمل) التي يسعى نجلها (كامل) إلى إقناعها بالسفر خارج موطنها وتحديداً الى إسطنبول، وتتصاعد الأحداث حينما يصل الى (أمل) خبر أن نجلها اختفى في ظروف غامضة، لتكتشف أمام المحقق الذي استدعاها للسؤال عنه، أنه انضم في إسطنبول إلى عصابة إرهابية لتصب (أمل) غضبها على السلطة التي تلعب على العقائد الدينية في جميع مشاكلها التي تتعرض لها، وبرغم أن شخصية (أمل)، التي جسدتها الفنانة سهى سالم، اسم يحمل الأمل دائماً، إلا أنها كانت هنا إسماً على غير مسمى! وفي مسابقة مسرح الشارع لمهرجان الدن الدولي الرابع حصدت مسرحية (مواطن vip ) لفرقة الفنو الأدائية الصامتة، ومن تأليف وتمثيل وإخراج الفنان المبدع حسين مالتوس ، ثلاث جوائز: أفضل إخراج، وأفضل ممثل، وأفضل موسيقى ومؤثرات.
وتتناول المسرحية معاناة المواطن العراقي والتحديات التي يواجهها باستمرار تحت مختلف الظروف بأبعادها الإنسانية والاجتماعية .. وكانت للمسرح العراقي مشاركات أخرى في هذا المهرجان من بينها: مشاركة الفرقة الوطنية للتمثيل أيضاً بمسرحية (أنا وجهي)، تأليف وإخراج الدكتورة عوطف نعيم، وبطولة الدكتورة شذى سالم وسمر محمد وشيماء جعفر، وتدورأحداثها حول مأساة المرأة العراقية في زمن الضياع والفوضي من خلال ثلاث شخصيات نسائية في جسد امرأة واحدة، الأولى تمثل المرأة العراقية المعاصرة، والثانية تمثل المستقبل المجهول، والثالثة الرقيب الداخلي أو (الضمير)، الأولى ضاع وجهها وضاعت ملامحها وضاعت شخصيتها بسبب كثرة الاحباطات والانتكاسات والحروب والقتل، والثانية مستقبلها المجهول الذي يضيع هو الآخر في سلوكيات متمردة من أبرزها إدمان المخدرات، والثالثة هو ضميرها الرقيب الذي يراقب تصرفاتها ويحاسبها ويحملها مسؤولية الضياع.
شهد المهرجان أيضاً مشاركة مسرحية (الأمنيات الذهبية) لفرقة الزرقاء المسرحية بالأردن، وهي من تأليف الدكتورة عواطف نعيم وتأليف الاشعار والأغاني للشاعر العراقي جليل خزعل، ومن إخراج الفنان الأردني رمضان الفيومي. كما تم إختيار الدكتور بشار عليوي رئيساً للجنة التحكيمية لعروض مسرح الشارع بمهرجان الدن الدولي وضمت اللجنة كُلاً من الفنان عادل شمس من البحرين، والفنان فالح فايز من قطر، والدكتورة عزة القصابي،والفنان عُمير انور من سلطنة عُمان...
وشارك الدكتور بشار عليوي أيضاً في الندوة الفكرية للمهرجان التي أقيمت تحت عنوان (مسرح الشارع تجارب ومفاهيم) وقدم فيها دراسته النقدية حول (مسرح الشارع: تجارب ومفاهيم)، أعقبها توقيع كتابه (مسرح الشارع - دراسة ونصوص) بطبعة ثانية عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل ، كما تم إختيار الدكتور بشار عليوي رئيساً للجنة التحكيمية لعروض مسرح الشارع بمهرجان الدن الدولي وضمت اللجنة كُلاً من الفنان عادل شمس من البحرين، والفنان فالح فايز من قطر، والدكتورة عزة القصابي،والفنان عُمير انور من سلطنة عُمان. قدم الفنان العراقي الكبير عزيز خيون ورشة عن التمثيل المسرحي وما ينبغي على الفنان أن يتعرف عليه ضمن أبجدية التمثيل المسرحي في إطار المهرجان، الذي شهد أيضاً مشاركة الفنان العراقي أمين جبار بتقديم وإدارة ورشة كوريوغراف بعنوان (الممثل فلسفيًا وفنيًا وسايكولوجيًا).
كما شارك الدكتورعلي الشيباني معقباً نقدياً على العمل الإسباني، والكاتب والمخرج ماجد درندش معقباً نقدياً على العمل العماني، إضافة الى مشاركة وتكريم الفنان ميثم البطران مدير مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل الدولي والفنان منتظر الحسناوي مديرشعبةالمسرح العاصر في العتبة الحسنية المقدسة.
ألف مبارك للمسرح العراقي ولمبدعيه الذين يسجلون حضورهم الفاعل في المشهد الثقافي والفني والإبداعي العراقي والعربي والدولي بجدارة واستحقاق.