"تتكامل حلقات هذه السلسلة بالأداء الفذ للثنائي آلاء حسين وخليل فاضل اللذين يقدمان أداءً بعيداً عن المبالغة، والإفتعال، والتشنج الذي يَسِمُ أداء الممثل العراقي في الدراما"
(3) السرديات الصغرى في الدراما التلفزيونية ..
بعد أربع حلقات من السلسلة الدرامية (العِشْرَة) التي تُعرض على قناة (الرابعة) الفضائية خلال شهر رمضان 2023 تتضح ملامح هذه السلسلة سواءً على مستوى السيناريو أو الإخراج أو الأداء التمثيلي، وبدءاً أقول (سلسلة درامية) وليست (مسلسل درامي) لأن الجنسين الدراميين يختلفان من ناحية البناء والشخصيات، فالمسلسل الدرامي قصة في حلقات متصلة تؤدي إحداها إلى الأخرى، وكل حلقة تكتمل بسابقتها ولاحقتها، وفيها أحداث محددة، وشخصيات تنمو مع مسار حلقات القصة، فضلاً عن أمكنة وأزمنة تتكرر مع السياق العام للأحداث، لكن السلسلة الدرامية حلقات منفصلة تتصل مع بعضها البعض بخيط رفيع سواءً على مستوى الثيمة العامة أم الممثلين، وفي (العِشْرَة) نجد أن الثيمة العامة للحلقات هي تلك السرديات الصغرى لتضحيات متطوعي فتوى الجهاد الكفائي (الحشد الشعبي)، فالحرب ضد الإرهاب سردية كبرى، لكن فيها سرديات صغرى منسيّة، لذلك نجد أن (غرفة الكتابة) المسؤولة عن سيناريو كل حلقة تعمل على تصدير تلك السرديات ونقلها من الهامش الزماني والمكاني الى المركز على هيئة ( موتيفات درامية Motif drama ) مع كل حلقة مثل: المحطة، الأخ، الذاكرة، الصحفية، .... الخ ، وهي موتيفات معنية بالتفاصيل اليومية لحياة الشخصيات، فضلاً عن تركيزها بشكل واضح على المشاعر العميقة للشخصيات خاصة تلك المشاعر التي يرافقها نوع من الفقدان أو الإنتظار أو الحب الضائع ..
ما يميز هذه السلسلة الدرامية واقعيتها وعزفها على الجانب العاطفي لحياة الشخصيات ومصائرها، فضلاً عن الأسلوب الإخراجي الذي يعتمده المخرج الشاب (علي حديد) عبر إستخدام اللقطة السينمائية وميزاتها التعبيرية التي تتجاوز حدود اللقطة التلفزيونية ومحدوديتها التعبيرية لذلك نجد أن كاميرته تتحرك بحرية واسعة بحثاً عن تلك التفاصيل التي تؤثث المشهد الدرامي بطريقة تجعل قناة التواصل بينه وبين متلقيه سالكة مع تركيزه في أغلب المشاهد على (الجو العام) الذي يُضفي مصداقية على واقعية اللقطة وقربها من حياة الناس ..
تتكامل حلقات هذه السلسلة بالأداء الفذ للثنائي آلاء حسين وخليل فاضل اللذين يقدمان أداءً بعيداً عن المبالغة، والإفتعال، والتشنج الذي يَسِمُ أداء الممثل العراقي في الدراما، وهما بذلك يقدمان أداءات عفوية في كل حلقة تعزز السرديات الدرامية الصغيرة في هذه السلسلة، وتُضيف للإخراج تميزاً في القدرة على إدارة الممثل وتحريكه بطريقة تنسجم وحجم المشاعر التي تضخّها السرديات الدرامية في هذه السلسلة التي تمنحنا أملاً كبيراً بوجود (إستثناءات درامية) في الإنتاج الدرامي العام الذي يتعرّض للتقريع القاسي من قبل مشاهديه مع كل مسلسل أو سلسلة درامية جديدة تُعرض على قنواتنا الفضائية في شهر رمضان المبارك ..