كتب – عبد العليم البناء
مبدعو العراق يحققون بمرور الأيام المزيد من النجاحات والانتصارات الإبداعية في مختلف الحياة بتمظهراتها المختلفة ليثبتوا جدارتهم واقتدارهم على العطاء والبذل والتضحية من أجل العراق وابنائه لاسيما أصحاب الهمم منهم ..
وبالأمس القريب توج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي العراقية تالة الخليل بلقب (صانعة الأمل) الأولى في الدورة الرابعة من المبادرة الأكبر من نوعها لتكريم أصحاب العطاء في الوطن العربي، بعدما حصلت على أعلى نسبة تصويت في الحفل، ووجه بأن يكون جميع صناع الأمل الأربعة المتأهلون إلى نهائيات المبادرة فائزين باللقب، وهم إضافة إلى تالة الخليل، العراقي محمد النجار، والمغربي أمين إمنير، والمصرية فتحية المحمود، حيث تم منح صناع الأمل الأربعة المتأهلين لنهائيات مبادرة صناع الأمل بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم لكل منهم، لتبلغ قيمة جائزة صناع الأمل 4 ملايين درهم.
وتفاعل جمهور الحفل مع عرض قصص المرشحين الملهمة من خلال فيديوهات مؤثرة لخصت تجربة كل منهم وجسدت البعد الإنساني، حيث كشفت عن أبطال حقيقيين ملهمين تفانوا في خدمة أوطانهم ومجتمعاتهم وكل إنسان يحتاج إلى المساعدة وسط حضور 12,000 شخص.. قصة تالة مع أكاديمية المحاربين..
لم تكن تعرف صانعة الأمل العراقية الدكتورة الصيدلانية تالة الخليل، أن اللحظة التي تطلب فيها إحدى الأمهات مساعدتها لإقناع طفلها بتناول طعامه وعلاجه، ستكون فارقة في مسيرة حياتها، فبعد أن تعلمت في دراستها خلط المركبات للحصول على دواء يعالج أوجاع البشر، أدركت أنها منذ هذه اللحظة أن عليها تعلم خلط أنواع أخرى من المركبات التي تعالج أرواح من أطلقت عليهم اسم المحاربين من الأطفال أصحاب الهمم، حيث كتبت معهم فصول قصة ملهمة بدأتها بتأسيس (أكاديمية المحاربين) في البصرة، وهي مؤسسة مجانية لرعاية ومساعدة الأطفال من أصحاب الهمم في العراق.
واستهلت رحلتها مع عالم صناعة الأمل في عام 2015، عندما خصصت كرفاناًً في مستشفى الأطفال التخصصي في البصرة لاستقبال مرضى السرطان من الأطفال لغرس الأمل وتجاوز الكثير من التحديات والتي أبرزها عدم قدرتهم على استكمال الدراسة، أو الاندماج في المجتمع، أو حتى إيجاد مساحة أمل لحياتهم؛ لأنهم محاطون فقط بالمرض والدواء، وجدران المستشفى الصماء، فكان هذا الكرفان بمثابة فسحة جديدة،أعادت إلى قلوبهم الأمل، ومن هنا جاءتها فكرة تأسيس مشروع الأكاديمية، وكان ذلك في العام 2018، والآن ترعى وبمجهود شخصي منها أكثر من 200 طفل من مصابي متلازمة داون والسرطان.
ونجحت في الحصول على دعم من البنك المركزي العراقي، لتوفير مبنى مؤثث بشكل متكامل لمدة 3 سنوات، حيث انطلقت الأكاديمية في البداية بـ100 محارب من المرضى وأصحاب الهمم، تسعى إلى إعدادهم لمواجهة تحديات الحياة بكل ثقة في النفس.
من جانبه قال مستشار رئيس مجلس الوزراء ومدير عام الادارية والمالية في البنك المركزي العراقي الأستاذ صالح ماهود سلمان :"ترعى هذه المرأة المثابرة الاطفال المصابين بالسرطان والأمراض المستعصية الأخرى..
قصة هذه المرأة مثيرة ومثال يقتدى بها، وكنت شاهداً على كثير من تفاصيل بداياتها قبل سنين عدة، بعد أن لجأت لمؤسسة البنك المركزي لمساعدتها في تكوين أكاديميتها حيث لم يكن لديها مكان مناسب ولا الأموال الكافية لإنشاء الأكاديمية الخاصة بها (أكاديمية المحاربين الصغار) فما كان من البنك المركزي إلا أن منحها بقرار من مجلس إدارة البنك المركزي (وباقتراح تم تبنيه سوية مع السيد محافظ البنك المركزي السيد علي محسن العلاق آنذاك) وتسليمها بناية تابعة للبنك المركزي في البصرة (اربع طوابق) بإيجار لسنوات متعددة (على ان يدفع الايجار من خلال المبادرة الاجتماعية للمصارف العراقية مع التأثيث الكامل لها ودفع رواتب وأجور المساعدين لها أيضا ولسنين متعددة)
وأضاف:"مشروع الدكتورة تالة هو مثال حي على قدرة المؤسسات والمنظمات والقطاع الخاص في دعم المبادرات والمجتمع وإنجاز أمور كثيرة وكبيرة ..
وسبق أن برزت في الدورة الأولى مبادرة هشام الذهبي، من العراق، الذي تبنى قضية أطفال الشوارع مقدماً لهم كل أشكال الرعاية من خلال البيت العراقي للإبداع، الذي أسسه خصيصاً لهم. محمد النجار وفريق كرة القدم لمبتوري الأطراف في حين بدأت الحكاية الملهمة لصانع الأمل العراقي محمد النجار بعد أن فقد ساقه نتيجة تطوعه للقتال ضد عصابات داعش الإرهابية، حيث أصيب برصاصة في ساقه نتجت عنها مضاعفات عرضت حياته للخطر، وأدخلته في غيبوبة لأكثر من شهرين، لكنه ما إن استفاق حتى قرر أن يخلق لنفسه فسحة من الأمل وقررالانطلاق في مجال العمل الإنساني وعاد إلى عمله في وزارة النفط ، وتمكن من الحصول على بعثة لدراسة الدكتوراه في لندن، بعد أن تكيف مع الطرف الاصطناعي الذي تم تركيبه له وبدأ بالعودة للمشي وأداء أعماله اليومية والاهتمام بأسرته.
وبرغم انشغال النجار بدراسة الدكتوراه في القانون في بريطانيا عام 2016، إلا أنه لم يفقد يوماً شغفه بكرة القدم،بعد أن علم أن هناك فريقاً لمبتوري الأطراف في مدينة بورتسموث البريطانية التي يدرس فيها وأصبح جزءاً من الفريق وشارك معه على مدار 4 سنوات ، وبعد عودته إلى بغداد اختار نحو 50 لاعباً سبق وأن مارسوا كرة القدم.
وبرغم عدم الاعتراف بالفريق، تمكن من تحقيق ثلاثة انتصارات على منتخبات أوروغواي وإيرلندا وألمانيا، ووضعت هذه الإنجازات تصنيف فريق العراق لكرة القدم لمبتوري الأطراف في الترتيب الـ19 عالمياً من أصل سبعين فريقاً، وتكفل بنفقات الفريق وبمرور الوقت وجد رعاة يساعدون الفريق في خطواته التي ألهمت عدداً من الأندية العراقية ودفعتها إلى تكوين فرق محلية لكرة القدم لمبتوري الساق.