أ.د عقيل مهدي يوسف
الآن، سنوجز الحديث عن تجربة (عوني كرومي) الذي كان من المسرحيين، الذين تصدروا الخطاب المسرحي بامتلاكه المنهجية الأكاديمية، منذ تخرجه في كلية الفنون - بغداد - وتحصيله العلمي, للدكتوراه في ألمانيا.
وبقي المسرح، هو عالمه الأثير، وامتلاكه لمهارة على مهارة، تدريسية ( تربوية) ، لطلبة الإخراج والتمثيل، وعند دراسته في (المانيا)، رافقه (بروفيسور ألماني) مشرف، على أطروحة الدكتوراه، وكانت، واحدة من العروض (البرختية)، التي خبرها (عوني) حيث كان متابعاً لعروض مسرح (برلين انسامبل ), بشكل جدّي وبذلك عند عودته من المانيا, لعب دوراً حاسما ليغني (التنوع) في مسرحنا العراقي لاسيما في اخراجه لمسرحية (الإنسان الطيب).
ويسعدني أنني مثلت دور (رجل الشرطة), مع خيرة الرواد من الأساتذة: جعفر السعدي, سامي عبدالحميد, خليل شوقي, مرسل الزيدي, والممثلين الشباب في المسرح العراقي ومعنا الممثل رائد محسن اأحد المبدعين الشباب الحاضر معنا الآن.
كان برخت يقول مخاطباً: "أيها الجمهور المحترم عليك أن تكتب (النهاية) بنفسك, بوسيلة جيدة ولابد من ذلك, ولابد"، حرص عوني كما برخت على أن يكون تقمص الممثل بمثابة (قناع للدور), في مسار العرض, مع محطة (سردية) أخرى لكي تعلق على الحدث من (خارج الدور), متزامنة مع توظيف التقنيات, لإبداع (شكلاً ملحمياً), يخاطب (العقل الجمعي) للجمهور, بخلق (مسافة جمالية) ببعدها الأخلاقي والإنساني الرفيع.
وبذلك يتم التأكيد على (انفصال) شخصية (الممثل ), عن (دوره) في سياقات مختلفة, ومتنوعة لكي يحفز(الجمهور) على التأمل الفكري, ببعد معرفي, لا يدعو الى (تفسير العالم) إنما يبتغي (تغييره), وبتكيَف سلوكي, يقارع الزيف (الرأسمالي ) التجاري,لشركات, وحروب, عابرة للقارات. (برخت) يدعو الى ضرورة النضال ضد الطغاة في مسرحه الذي يتبنى الجوهر الانساني, بحداثة متطورة عن (السكون) الدرامي التقليدي. اذن لا تبحث (المسرحية البرختية), عن مثالية الماضي الكلاسيكي, ولا عن نشوة (الرومانتيكية الغرائزية ), ولا حتى عن (الواقعية) ببعدها الوراثي المادي, لبيئة محددة, ولا باختزال (رمزي), خيالي تجريدي ويتقاطع برخت مع (التعبيرية) الباطنية, ببعدها التكنولوجي في (سينوغرافيا) العرض.
على كلّ أمر يشتمل على (حبكة) للأفعال لا ذروة للأزمة والحل لمصائر الشخصيات ودوافعها المتصفة بتحولات مواقف الشخصيات ومصيرها لهذا اقترح برخت معالجة مسرحية ملحمية مغايرة, كما في (الانسان الطيب ) حين أخرجها عوني كرومي حين يجعل البطلة تدافع عن خيارها الخاص بالقيم (النسوية) الرفيعة, التي كانت تقدم شخصية أخرى ببعد (معادل للرجل) مؤكدة البعد الطبقي لهذه الثنائية عن (رجل) يستغل (المرأة), بمثل هذا التفاوت الطبقي في سياق ملحمي يجمع ما بين بعد اجتماعي, وتقاطع ثقافي ما بين طروحات اشتراكية, متصادمة مع (رأسمالية) نفعية استغلالية . تذكر (ليشته) ، (إن رفرفة جناح فراشة, في جنوب الأرض, تُحْدِث – اعصارا في شمالها ) هنا, في (مهرجان المسرح السرياني الأول) في أربيل ستحدث رفرفة فراشات الفنون الادائية, والفولكلورية, مع (برامج العروض المسرحية), و(المؤتمرات), و(الملتقيات) التي ستعْم التجربة الوطنية والعالمية للمسرح بتأويلات وبدائل نقدية رفيعة .
هذا المشروع الخلاق هو المعول عليه في رصانة ابداع المكونات الكردية, والسريانية والكلدانية, والعربية بإضفاء الجدّة والحداثة لإغناء الذاكرة الثقافية والابداعية والتاريخية لمسرحنا العراقي ببعده الوطني والانساني. شكراً للأستاذ رئيس المهرجان( صباح هرمز) الناقد المسرحي والروائي, الملتزم.
شكرا للأستاذ (كلدو), والشكر موصول لوزارة الثقافة والفنون السريانية في مدينة اربيل المزهرة وفي عينكاوه, ولكل الأساتذة ورعاة المهرجان والفرق المسرحية المشاركة وللجمهور الكريم وهم سيسهمون في مهرجانهم الاول (ببناء ركائز مرتقبة, لمدائن مسرحية قادمة حافلة بالقيم الراقية ).