في الايام القليلة الماضية جرى نشر العديد من المقالات والتصريحات والصور في مختلف وسائل الاعلام المحلية والاجنبية عن الجفاف الذي يضرب بلادنا زاد من الاذى فعل فاعل معروف للقاصي والداني , حتى ان الامم المتحدة دخلت على خط ازمة التعطيش واعرب امينها العام عن تضامنه مع العراق وتمنى ان تتفاوض الدول لإيجاد مخرج منها يحفظ حقوق الجميع .
الواقع والحقيقة ان ازمة المياه ليست وليدة المواسم الاخيرة , وخسر العراق جل احتياطاته من المياه في سدوده لعدم ايفاء جواره بما تعهدوا به , بل اكثر من ذلك غيروا مجاري الانهار وحولوها عن طبيعتها وتضاريسها من دون اتفاق مع الدول المتشاطئة والمستفيدة منذ القدم منها , وايضا بنيت سدود لحجز المياه وقضم حصة العراق جهارا نهارا وضرب القوانين والاعراف الدولية عرض الحائط .
المشكلة ان هذه البلدان تستغل ضعف الدولة العراقية وتباغض مكوناتها وفقدان السياسة الاستراتيجية الموحدة بشان قضية حياة او موت للعراقيين , لم نلمس اجراء جدي وناجع ضد من يحاول قتلهم ببطء عطشا وتصحرا , فنهر الفرات شحة المياه فيه تؤثر عل ثمان مدن ارضا وشعبا ,هناك ثلث سكان البلاد يعاني من التعطيش السياسي والان كله دخل دائرة الخطر , وليس الحال بأفضل منه على نهر دجلة وديالى وغيرها من الروافد .
للأسف ,لا نشعر بحمية السلطة على مصالح الناس حتى مياه الشفة قد لا نطالها , حكام ومسؤولون يتفرجون على جحيم الازمة ونارها الحارقة , بل هناك من يدافع عن تركيا وايران وسوريا ويشدد على تطوير العلاقات معها ومساعدتها وتبنى وجهات نظرها , على الرغم من عدم استجابتهم .
ان اي مفاوضات بشأن اي موضوعة تستلزم التحضير والاعداد الجيدين لها وتجميع اوراق الضغط وما اكثرها عليها لاستخدامها في الوقت المناسب واجبار المتعنت قبل كل شيء على الجلوس على طاولة المفاوضات واحترام حقوق الاخرين , لدينا ميزان تجاري يقارب من 30 مليار دولار سنويا مع هذه البلدان لا يستخدم في المساومة معها .
المفارقة ان هذه العلاقات التجارية في حالة نمو وتطور , رغما عن الاذى و انها ذات كلفة اعلى من دول اخرى , وعلى حساب المنتوج المحلي والحاق الضرر به , الى جانب التهريب . والامر من ذلك لا نشعر هذه البلدان بما لدينا من قوة ووسائل مؤثرة على اقتصاداتها وشعوبها .. البلدان تتعامل بالمثل على قاعدة التكافؤ والمصالح المتبادلة .
وفي المقابل ينبغي , ايضا , الاستثمار الامثل للمياه وفقا للطرق الحديثة في الري , واتخاذ اجراءات تشجيعية للفلاحين ودعمهم ومحاسبة الذين لا ينتقلون اليها في فترة محددة .
انها ازمة لا تقل عن الارهاب ضررا , لذلك على الحكومة ان لا تتهاون في العلاجات المحلية ومع دول الجوار واستغلال الدعم الاممي للوصل الى حقنا في قسمة عادلة للمياه , ولا نميز في العلاقات بينها الا بمقدار استجابتها للحقوق المشروعة للعراق .