كتب : عزالدين المانع
لقد كان بودنا – نحن الصامدون قي – مهنة المتاعب – أن تبادر القيادات الحكومية المتعاقبة بمعالجة الأزمة الخانقة التي تعيشها المؤسسات الصحفية , والمستقلة منها بشكل خاص و قبل أن تتهاوى من الظمأ الذي باتت تعانيه , وتغلق أبوابها بفعل حجم التحديات المادية الخانقة التي انعكست بكل مرارة على مستقبل ومصير العاملين فيها من الرموز الصحفية المشهود لهم بالنزاهة والحياد , والذين لا مصدر لهم غير بعض – الجذاذات – إذا ما توفرت في نهاية الإسبوع أو الشهر , وغابت عنهم حتى ( المنحة ) السنوية التي كانت تنجدهم في نهاية كل عام بإطفاء بعض ما بذممهم من الديون , وراحت الاجتهادات المالية تقضمها حينا وتبعدها عنهم في معظم الأحيان ..
ولم تجد الصحافة الورقية ووسائل الإعلام المستقلة وغير المدعومة خلال العقد الأخير سوى وعود لم تثمر , وعواطف لا تسد الرمق .. وراحت تتساقط تباعا كأوراق الخريف التي يجف فيها النسغ وتلفظ أنفاسها وتذروها رياح اللا مبالاة .. ولم يتبق منها صامدا أو ممسكا برداء ( صاحبة الجلالة ) سوى عدد لا يتجاوز حدود أصابع اليد الواحدة , وهو يحتضن النخبة الصبورة من زملاء المهنة الذين لم يفارقوا معشوقاتهم , وعاهدوها على الصمود معها حتى الرمق الأخير .. ومن المجحف والمؤلم أن تصل الأمور إلى هذا الحد في بلد يحكمه نظام ديمقراطي لم يسند واحدا من أهم أوتاره وركائزه , ولم يبادر لانتشاله من محنته برغم امتلاكه معظم الأدوات القادرة على تحريك عجلة الإنقاذ .. ولم يحظ بالرعاية والدعم سوى عدد من الصحف والقنوات الإعلامية العائدة إلى الكتل السياسية المتحاصصة أو الدولة ليس إلا ..
الأمل معقود على ما وعدت به حكومة السيد محمد شياع السوداني ووزارة الثقافة ونقابة الصحفيين العراقيين لوضع الحلول الناجحة التي تسهم في انتشال الصحف المستقلة والصحفيين العاملين فيها , وتصب في خزائن أحلامهم الأمل الذي ما زالوا يترقبونه منذ عقد من الزمان ..
فالصحفي بلا مرتب ولا منحة صحفية ثابتة ولا قطعة أرض سكنية يتساوى بها مع أقرانه العاملين في الصحافة الممولة من الدولة والأحزاب المتحاصصة ولا يزال مهددا بالملاحقة والاغتيال وحتى الطرد , لم يشرع قانون أو نظام يحميه , وما زال محروما من أي ضمان يحميه من التشرد بدون أن يحصل على أي تعويض أو مكافأة .. وهناك من يواصل أداءه ليلا ونهارا ولمدة قد تزيد على شهرين أو ثلاثة أشهر دون يصرف له الأجر المتواضع الذي كان يتقاضاه نهاية كل شهر ..
أكثر من عشرين عاما وما زالت هذه النخبة المجاهدة والباحثة عن المتاعب تهرول خلف سراب .. وما زالت الوعود مجرد حبر على ورق فهل من بصيص في نهاية هذا النفق المعتم يعيد لهم بعض ما يتمنوه ؟؟